تجددت أزمة الفراغ الذي يعيشه الشباب مع كل إجازة صيف من كل عام، وذلك في ظل غياب واضح لأنشطة الأندية الرياضية التي ترفع شعار (رياضي - ثقافي - اجتماعي) لكن لا تكاد تجد فيها أحداً، فجميع منسوبيها يقضون إجازاتهم الصيفية خارج المملكة أو بعيداً عن أسوار النادي، ما يقود إلى لجوء الشباب إلى الأسواق والسهر أمام التلفزيون والنوم طوال ساعات النهار، عوضاً عن تفعيل برامج هادفة تتضمن مهارات ومسابقات متنوعة بأسلوب مشوق.

"الوطن" ترصد هنا أسباب عدم قيام الأندية السعودية بدورها في هذه الفترة من العام، وتستعرض في الوقت نفسه أنشطة بعض الأندية التي تقوم بفعاليات صيفية، لكنها تبقى قليلة للغاية.


إشكالية الميزانية

يرى عضو مجلس إدارة نادي الاتحاد، المشرف على الشؤون الاجتماعية والثقافية بالنادي سابقاً حاتم الغامدي أن الجانب الاجتماعي والثقافي جزء هام يفترض أن تقوم به الأندية السعودية، لكنها للأسف لا تهتم به على الرغم من مسؤوليتها كمؤسسة في المجتمع.

ويقول الغامدي "لا بد أن تعي الأندية دورها في شغل أوقات الفراغ عند الشباب، خصوصاً في فترة الصيف، حيث تقيم مهرجانات تمارس فيها الأنشطة الثقافية والاجتماعية، وفي نادي الاتحاد سبق أن أقمنا رحلات لكننا اعتمدنا فيها على جهود المشرف على النشاط الثقافي من ناحية، وعلى الإمكانيات المادية من ناحية أخرى، لأن مثل هذه البرامج تتطلب كثيراً من المال، والأندية تعتمد على ميزانيات محددة تنفق معظمها في الجانب الرياضي، وهذه هي المعضلة التي عرقلت عملنا في السابق، ومع هذا فقد أعددنا برامج صيفية في النادي تستهدف الشباب في مرحلة المراهقة ما بين عمر (12 و20 عاماً)، نظمنا خلالها معسكرات داخل المملكة اشتملت على برامج رياضية وثقافية واجتماعية بمعرفة مختصين في هذه الجوانب وكان الإقبال جيداً. لكن لأن هذه البرامج تتسم بالجهد الكبير والتكاليف العالية فقد كانت الأسر هي من تدفع رسومها كي تقام وتدار بفاعلية".

ويضيف "أعتقد أنه لو كان هناك برامج صيفية تقوم بتنظيم مسابقات بين الأندية السعودية بمختلف درجاتها الممتازة والأولى والثانية والثالثة تخصص لها ميزانية جيدة، فإن ذلك سيعود إيجابياً على الشباب في المجتمع".

وعن أسباب توقف هذه البرامج الصيفية وعدم قيام الأندية بدورها حيالها قال الغامدي "هناك عدة عوامل منها الإنفاق المالي المطلوب، وعدم وجود متخصصين بالبرامج المشوقة التي تجتذب الشباب، كما أن ثقافة المجتمع لا تتقبل أن ينتهي الطالب من موسمه الدراسي ويلتحق بدورات صيفية، بالإضافة إلى أن الأسر تخشى على صغارها منها بسبب اعتقادها أن الأندية بيئة غير مناسبة. لكن هذا غير صحيح لأن هناك مشرفين على وعي ومسؤولية. والغريب أن نفس هذه الأسر تقوم بإرسال صغارها إلى دورات صيفية خارج المملكة دون ذويهم، حيث يلعب الإعلان دوره هنا، ولو اعتمدت الأندية ميزانيات جيدة لإقامة برامج صيفية شيقة تحت إشراف متخصصين تربويين في ظل توافر حملة إعلانية فإنها ستجد إقبالاً ومردوداً طيباً".


نشاط ملحوظ

في المقابل، يحظى نادي القادسية في الخبر دوماً بإشادات الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير سلطان بن فهد، ونائبه الأمير نواف بن فيصل على اهتمامه بالقيام بفعاليات رياضية شاملة وثقافية واجتماعية كل عام.

ويقول المشرف على الأنشطة الشبابية في النادي محمد النهدي "إن فعاليات متنوعة أقيمت خلال الصيف يشرف عليها شخصياً رئيس النادي عبدالله الهزاع ويدعمها مالياً ومعنوياً أمين عام النادي محمد الملا، يذكر منها الرياضية مثل كرة القدم، الجودو، والسباحة، وتنظيم زيارات خاصة للمصانع وجسر الملك فهد، وكذلك معارض جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وأرامكو، والدفاع المدني، وحملات تنظيف البيئة، وعروض الليزر، وأيضاً ملتقى الشباب في كورنيش الخبر، بالإضافة إلى إقامة المحاضرات الدينية المبسطة والندوات الشعرية، وأقيمت ندوة عن برنامج ساهر الذي يعد نادي القادسية أول من ينفذها على مسرح النادي، كما يحرص النادي على توفير دورات تدريبية في الكمبيوتر والمرسم الحر، وأقيمت فعاليات فعاليات أخرى خلال رمضان، تشتمل على معارض وزيارات إلى المستشفيات لغرس مبدأ زيارة المريض لدى الأطفال، ومسابقة القرآن الكريم بالتنسيق مع جمعية الدعوة والإرشاد".

ويضيف النهدي "تجد هذه البرامج إقبالاً جيداً من الأطفال والشباب ما بين عمر 7 سنوات إلى 16 سنة، ويتوقع أن يصل عددهم إلى 400 هذا العام، وقد وصل عددهم في أحد الأعوام إلى 750 شاباً، وذلك للمواطنين والمقيمين".

ويوصي النهدي أولياء الأمور بضرورة إشراك صغارهم في مثل هذه النشاطات بدلاً من شغل أوقات فراغهم في الشوارع والأسواق خصوصاً أن هناك معلمين وموجهين تربويين يقومون برعايتهم في جو صحي وآمن، ويرجو من الأسر أن تتأكد من أن عامل الأمان متوافر بشدة على الأطفال حيث يرافق كل مجموعة مشرفون على وعي ومسؤولية، لأن الإدارة تشدد على أهمية هذا العامل.

ويوجه النهدي رسالته إلى الأندية السعودية بأن عليها أن تفتح أبوابها للشباب ليمارسوا مختلف الأنشطة التي تعود عليهم بالفائدة من النواحي الدينية والأخلاقية والبدنية والنفسية والاجتماعية والثقافية، خصوصاً أن الرئاسة العامة لرعاية الشباب قد استثمرت مليارات الريالات لإقامة المنشآت في المملكة لاستقطاب شبابها واستيعابهم فيها.





اهتمام بالمعاقين

وواصل نادي الشباب في الرياض تقديم الأنشطة الصيفية عبر مركز نادي الشباب الصيفي لذوي الاحتياجات االخاصة، للعام الرابع على التوالي، ويهدف النادي من خلاله إلى تقديم خدمة اجتماعية للمعاقين ذهنياً ومرضى التوحد ومساعدة أسرهم في هذه الفترة التي تجد إقبالاً شديداً منهم حيث يستقبل المركز أكثر من مائة مشترك سنوياً.

ووفقاً لرئيس اللجنة الثقافية والاجتماعية بالنادي، المشرف العام على المركز الصيفي الدكتور فهد العليان، فإن المركز يقوم بتوفير برنامج رياضي، ثقافي، ترفيهي لهذه الفئة بدعم من بنك الرياض، ودون أي رسوم، بل على العكس يقدم النادي كافة احتياجات المشتركين من أطقم ملابس ووجبات غذائية، ويشرف عليهم طاقم تربوي متخصص. وحول إمكانية استمرار أنشطة المركز الصيفي طوال العام قال العليان "نرجو ذلك، لكن الأمر يتطلب تفرغاً من المدربين، وكذلك الصالات الخاصة بالألعاب في النادي تكون مشغولة طوال الموسم الرياضي".


رمضان يؤثر على البرامج

وعلى مدى عشرة أعوام أو أكثر كان النادي الأهلي يقدم برامج ثقافية واجتماعية وكشفية خصوصاً خلال فترة الإجازة الصيفية، لكنه هذا العام لم يقم بهذه الفعاليات.

ويعزو المشرف على النشاط الثقافي والاجتماعي بالنادي عادل القادري ذلك إلى أن قدوم شهر رمضان المبارك في وسط الإجازة الصيفية كان سبباً رئيسياً في عدم تمكن النادي من القيام بواجبه المعتاد ككل عام.

ويقول القادري "البرامج الصيفية تتطلب وقتاً وجهداً كبيرين لتنفيذها كي تؤدي دورها بفعالية، لكن انتهاء الامتحانات في نهاية شهر رجب وقصر الإجازة الصيفية لم يتح لنا القيام بالأنشطة المعتادة التي كنا نهدف من خلالها إلى استغلال أوقات الشباب وتنمية مواهبهم الثقافية والفكرية والرياضية من خلال الدورات المهارية كالحاسب الآلي والإسعافات الأولية والدورات التطويرية كبناء الثقة بالنفس وتفعيل الذات، وأيضا من خلال البرامج الرياضية ككرة القدم والطائرة ودورة التايكوندو والسباحة واللياقة البدنية إلى جانب البرامج الاجتماعية كالرحلات والمعسكرات الكشفية وزيارات الجهات التعليمية والمصانع، وكذلك المسابقات الثقافية بجميع أنواعها التي تقام داخل النادي وخارجه على مستوى المملكة لتطوير الشباب ذاتياً وفكرياً وذلك بالتنسيق مع الرئاسة العامة لرعاية الشباب.

وأوضح القادري أن النشاط الثقافي والاجتماعي بالنادي الأهلي أقام في الفترة المقبلة بإقامة برامج ثقافية واجتماعية وكشفية متنوعة وذلك بصفة دورية على مدار العام.


اهتمام اجتماعي وأسري

ولاينفي البعض وجود بعض المخاوف من انخراط الأبناء في أجواء الأندية التي تجمع أعماراً مختلفة متباينة وثقافات متعددة، ويشددون على أن ذلك يقف أحياناً حائلاً دون الدفع بالأبناء إلى الأندية، وإن كان آخرون يرون أن التواصل مع المشرفين على هذه الأنشطة، والتعاون بين الأسرة والأندية يخفف حدة هذه المخاوف.

في المقابل تطالب أسر بضرورة توافر خدمات من خلال الأندية خلال فترة الصيف، لما لذلك من منفعة تعود على أبنائها في هذا الوقت القاتل من العام.

وتقول أم أحمد عواد إنها تدفع زوجها إلى تسجيل ولدها في أحد الأندية، وكثيراً ما تقوم بالاتصال بالأندية للاستفسار حول ما تقدمه في الصيف، لكنها تشير إلى أن ولدها لا يبحث عن أنشطة ثقافية بقدر ما يرغب في لعب كرة القدم، وكان يسجل في نادي الاتحاد لممارسة هوايته، وتقول "ذلك يحقق رغبته، إضافة إلى أن ذلك يشغله ساعات طويلة يعود بعدها إلى المنزل منهكاً ليس له أي مطالب كثيرة، أما لو كان يشعر بالفراغ فسوف يريد الذهاب يومياً إلى الأسواق والمراكز الترفيهية وهي مكلفة للغاية".

وبحث عمر صديق عن نشاط صيفي لأولاده كل عام فهم كما يحبون الكرة يرغبون في السباحة. يقول "كنت أستجدي إدارة أحد الأندية السعودية أن تقبل أولادي لأن السباحة رياضة مفيدة".

وحول الأمان، قال "لم يعد هناك خوف كما كان في السابق، بل يطمئنك مسؤولو الأندية بوجود مشرفين وتربويين يتابعون الصغار في مرافق النادي المختلفة".