لا تزال بعض الموروثات الشعبية في الأعياد تقاوم عاصفة الاندثار في ظل طغيان مظاهر الجفاء والقطيعة التي تصنعها بقوة رسائل الجوال التي ترسل من خلف الأبواب المغلقة لتهنيء الأهل والعشيرة وحتى الوالدين والأبناء من على البعد "وكفى ذلك عيداً" .. لكن بعض تقاليد التواصل التي ذهبت واندثرت يوم ذهب صانعوها وغادروا الحياة وسجلت ضمن عداد الأموات، بدأت تدب فيها روح الأصالة في عدد من الأحياء، أبرزها مشاركة الأهالي في الحارات فرحة العيد جماعة من خلال الاجتماع في المساجد أو الأراضي البيضاء القابعة وسط حواريهم وجلب المأكولات الشعبية من منازلهم في مشهد رائع لا يشاهد إلا في هذا اليوم المبارك. للعيد فرحة لا تضاهيها أي مناسبة، فرحة وسعادة نستشفها من ضحكات الأطفال البريئة، وابتساماتهم الصادقة، وهم يلعبون ويبتهجون مسرورين بحلول عيد الفطر السعيد، إذ تجدهم في أجمل ملابسهم وكامل زينتهم، وكأنهم لا يستقبلون أحب إليهم من هذا اليوم، بينما يعيش الكبار فرحة التواصل بين الأقارب والأرحام، ويتبارى العديد في نظم قصائد معايدة نقرأ أجمل أبياتها في رسائل الجوال بين الأصدقاء والأحبة. الفقراء والمحتاجون أيضاً يفرحون بالعيد لأنه فرصة تتيح لهم تلقي الزكوات من إخوانهم الميسورين فيشعرون بقيمة التكافل والتراحم بين أبناء المجتمع الواحد، وللعيد فرحة ارتسمت فصولها في تراث الآباء والأجداد وكيف أنهم كانوا يقضون فرحة هذه الأيام السعيدة. ويقول مساعد الحربي: ما يحدث أو يشاهد في الحاضر من إقامة ولائم العيد في المساجد أو الأراضي البيضاء أصبح بمثابة النعمة التي يحمد كبار السن على إقامتها، لاعتبارات عدة منها الشعور وكأن تلك اللحظات جزء كمالي لما كان يحدث قبل 40 عاماً، بالإضافة إلى أن الأطفال أصبح لديهم شعور بأهمية إقامة مثل هذه الاحتفالية وزرعت لهم مدى أهميتها من خلال ترسيخ قيمة التراث الشعبي الذي كان يقام من قبل الآباء والأجداد. ويضيف الحربي أن أبناءه في قليل من الأوقات أصبحوا يذكرونه بأن يوم العيد هناك حاجة لا تنسى، وأنهم أصبحوا كـ"الساعة المنبهة والمذكرة" من خلال تذكيرهم لي في بعض الأحيان بـ"الموروث".
من جانب مختلف، تمنى خالد النويصر أن يتم تعميم مثل تلك المواريث من قبل أمانات المناطق لإحيائها بشكل سنوي قائلاً "هناك عوائل تعتقد أن مثل تلك المواريث أصبحت لا تطاق في الوقت الحالي ولا يجب عملها، إلا أن هناك بعض المواريث التي مهما أقيمت حتى لو بعد 100 عام إلا أنها تعتبر جزءا من حياة الحاضرة في وقتها، وأن إقامة مثل هذه المواريث القصد منها رؤية أهل الحارة والسلام عليهم وتهنئتهم بالعيد والمشاركة جماعياً بذلك فهي غير منتهية الصلاحية كما يعتقد البعض".