حصلت جامعة الملك سعود على مواقع متقدمة وفق معايير عالمية معترف بها.. كما حصلت بعض الجامعات الأخرى على مراكز مختلفة كانت تلك المراكز مؤشرات للرغبة الملحة لتلك الجامعات للإصرار والرغبة في التميز.

وكانت تلك الانجازات مثار فخر واعتزاز للمسؤولين عن تلك الجامعات قالوا إنها ستكون دافعا لمزيد من التميز ومزيد من الإنجاز.. وبالمقابل كانت مثار تساؤل ومنطلق للنقد الموضوعي أحيانا والقاسي أحيانا لتلك الجامعات والمسؤولين عنها.

والموضوعية تقتضي الهدوء والتروي والصدق والأمانة في النظر لتلك الإنجازات.. ففي رأيي المتواضع – ولكم أن تصنفوني بموجبه بما شئتم – أننا يجب أن نبارك كل إنجاز وكل نجاح مهما صغر.. أولا لأن مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة.. وثانياً لأن الإنجازات في بداياتها لا تحقق الكمال لكنها بداية لتحقيقه.. وثالثاً لأن أي نجاح يكون حافزاً لنجاحات قادمة.. ورابعا لأننا نعيش في مجتمع له ثقافة محددة تتحكم في إنجازاته.. فالمؤسسة مهما كانت هي وسط مجتمع والارتقاء بالمجتمع وتغيير ثقافته بين يوم وليلة ليس من السهل على أي مؤسسة أو جهة منتجة.. وخامساً: أننا يجب أن ننظر إلى نصف الكأس الممتلئ من مبدأ التفاؤل.. وسادساً لأن أي مؤسسة أو جهة منتجة لا بد أن يكون فيها سلبيات، ومن الظلم عندما تعلن تلك الجهة أو المؤسسة عن إنجازاتها أن نتجاهل تلك الإنجازات وننظر إلى السلبيات ونسلط الأضواء عليها ببلاغة متناهية تحط من قدر المنجزين وتهمش جهودهم وتحبطهم.. هذا ظلم.

السلبيات موجودة في كل مكان وفي كل دولة حتى الدول المتقدمة.. وأذكر تقريراً رفع إلى الرئيس الأمريكي الأب جورج بوش بعنوان "أمة في خطر" يحدد السلبيات الموجودة في نظام التعليم الأمريكي وهي الدولة التي يسافر العالم بأجمعه على جناحها في كل المجالات.. النقد مطلوب ومرغوب ولا بد منه لكن مع ذكر الإيجابيات ودعمها ودعم القائمين عليها.

إن وضع المنجزين في خانة الدفاع وإشغالهم بقضايا الدفاع وتهميش دورهم لا يخدم الوطن ولا يخدمهم ويحبطهم ويحط من قدر إنجازاتهم.

أنا لا أظن أن أيا من مسؤولي الجامعات قال في يوم من الأيام إن جامعته وصلت إلى دور الكمال.. لم يقولوا ذلك وقد سمعنا بعضهم يقول إن هذا يحملهم مزيداً من المسؤولية.. ويحفزهم لمزيد من العمل.. وسمعنا بعضهم يقول: "إن الوقت هو عدوهم الأول" لأن العالم متسارع والتباطؤ والتكاسل يجعلهم في مراكز متأخرة في صفوف الإنجاز والتطوير.

وعندما نتحدث عن إنجازات جامعاتنا على مستوى الكمال يجب أن نقارنها بالجامعات المتقدمة كأهداف، يجب أن نسعى للوصول إليها لا مستوى يجب أن تكون عليه اليوم بمجرد أن تلك الجامعات حققت مستويات متقدمة في الاعتماد.. هذا يصنفنا كأعداء للنجاح.. ويصنفنا كعاجزين لتحقيق مثله.. وقد يصنفنا للجهل به. ثم إنني أظن أن بعض الكتاب يلجأ للكتابة عن موضوع معين فقط لأنه لا يجد ما يملأ زاويته به.. وأنا متأكد من ذلك حتى لو لم يكن لديه معلومات كافية ولا يستطيع جمع معلومات حول الموضوع الذي يريد الكتابة فيه لضيق وقته ولأهمية ملء مساحة زاويته وحتى لو كان في الموضوع الذي يريد الكتابة فيه إساءة للجهة التي يريد الكتابة فيها.

أما وقد قلنا كل ذلك فإنني أعتقد أن كل مؤسسة أو جهة لديها سلبيات.. وفيها نقص وفيها إخفاقات والموضوعية تقتضي الحديث عنها بهدف المساعدة على تصحيح وإبراز الجوانب السلبية التي قد تغيب عن تلك الجهة أو تلك المؤسسة أو عن المسؤولين عنها.

والموضوعية تقتضي أيضا ألا نحط من قدر الجهود والإنجازات.. فأنا أظن من واقع التجربة والخبرة عرض كثير من النقد المبني على جهل كامل بالقضية التي يتم الحديث عنها ويقع ظلم كبير على المنُتَقد.. وفي بعض الأحيان يُصوٌَّر المسؤول مثل الكرسي الذي يجلس عليه.

لنتذكر أن للكثير من القضايا ما يبرر سلبياتها.. وفي بعضها ما لا يبرره ويجب التفريق.. وفي الأولى استفزاز للمسؤول و حط من قدره ومعاونيه والمؤسسة بأكملها وفي الثانية تقع كامل الموضوعية.. ثم إن الحديث عن أي قضية يستلزم المعرفة التامة بكل جوانبها.. صحيح أن الحديث عن أي قضية يعطي المسؤول الفرصة لتوضيح الأمر.. لكننا لا نتحدث عن هذا الموضوع.. نتحدث عن قضايا يقوم المسؤول مرة بعد مرة بالتوضيح.. والتوضيح.. والدعوة إلى لقاءات يتم فيها شرح القضية لكن يستمر الإصرار على تقطيع أوصال المؤسسة والمسؤولين عنها.. هنا المشكلة.. وهنا الظلم.

الكتابة أمانة.. والكتابة واجب وطني.. والكتابة مسؤولية.. والكتابة مساعدة على إصلاح الأمور بموضوعية ومعرفة وعلم وهذا ما يجب أن تكون الكتابة عليه.. وهذا ما يجب أن يكون عليه كل كاتب.. "أدعو الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه".