يصادف هذا الأسبوع الذكرى السادسة للبيعة، وهي مناسبة لاستذكار الإنجازات التي أُحرزت خلال هذه الفترة. ولكنني اليوم سأكتب عن أحدث هذه الإنجازات فقط، وهي حزمة الإصلاحات والبرامج التي أقرها خادم الحرمين في شهري فبراير ومارس الماضيين. فقد صدر خلالهما نحو ثلاثين أمراً ملكياً تضع الأسس لخطة تنموية وسياسية متكاملة وطموحة، تشمل العديد من البرامج الإصلاحية والإدارية، تجاوزت تكلفتها الإجمالية (500) مليار ريال.

وربما كانت هذه البرامج أكبر حدث تنموي شهدته المملكة منذ فترة طويلة، ونظراً لكثرة تلك البرامج وتشعبها، فسأسعى إلى تبسيط الصورة بتصنيفها في سبع مجموعات رئيسة، على النحو التالي:

1. برامج لتعزيز رفاه المواطن: وتشكل هذه الجزء الأكبر من البرامج التي وضعت أسسها الأوامر الملكية، والتي تسعى إلى تأمين السكن الملائم للمواطن، بتكلفة تجاوزت (300) مليار دولار من خلال (تأسيس وزارة الإسكان وتوفير الموارد المالية اللازمة لبناء نصف مليون وحدة سكنية وتعزيز ميزانية صندوق التنمية العقارية، وزيادة قيمة القرض السكني إلى خمسمئة ألف ريال)، كما تشمل زيادة رأس مال بنك التسليف بمبلغ (30) مليار ريال. وإعفاء المقترضين من هذه المؤسسات من قسطين لمدة عامين. وتشمل هذه البرامج كذلك تعزيز القطاع الصحي الحكومي بمبلغ (16) مليار ريال، وزيادة الدعم للمنشآت الصحية الخاصة.

2. برامج لتعزيز شبكات الحماية الاجتماعية: وتشمل تخصيص أكثر من (6) مليارات ريال لزيادة مخصصات الضمان الاجتماعي، والبرامج المساندة له، وخدمات الرعاية الاجتماعية، وإعانات ذوي الاحتياجات الخاصة، وبرامج تأهيلهم وتدريبهم، والعفو عن سجناء الحق العام وتسديد ديونهم، وبرامج دعم الطلبة المحتاجين في المدارس والجامعات، ومنح مكافأة شهرين إضافيين لطلبة الجامعات.

3. برامج لمعالجة البطالة: وتشمل تفعيل برنامج "التأمين التعاوني للمواطنين العاطلين عن العمل" وبرنامج "دعم الباحثين عن عمل"، وصرف مبلغ (2000) شهرياً للباحثين عن عمل في القطاعين الخاص والعام، ابتداء من 1/1/1433هـ.

4. برامج لدعم الجمعيات الخيرية، والجمعيات التعاونية، والصندوق الخيري السعودي، والأندية الأدبية، والأندية الرياضية، والجمعيات المهنية المتخصصة.

5. برامج لتعزيز الأجهزة المعنية بخدمة الإسلام. وتشمل إنشاء "المجمع الفقهي السعودي"، وتخصيص (200) مليون ريال لإنشاء فروع للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء في جميع مناطق المملكة، و(500) مليون ريال لترميم المساجد، و(200) مليون ريال لجمعيات تحفيظ القرآن الكريم، و(300) مليون ريال لمكاتب الدعوة والإرشاد، و(200) مليون ريال لهيئة الأمر بالمعروف.

6. برامج لتعزيز قوى الأمن والجيش: وتشمل إحداث (60) ألف وظيفة عسكرية لوزارة الداخلية، ورفع الوظائف العسكرية المعتمدة بالميزانية إلى الرتبة التالية، وترقية الضباط والأفراد المستحقين للترقية، وتوفير الإسكان للعاملين في الجهات العسكرية.

7. برامج لتعزيز أداء الأجهزة الحكومية والأجهزة المكلفة بمراقبة الأداء. والسياسة هنا ذات شقين ترغيبي (إعطاء الحوافز للموظفين)، وترهيبي (مراقبة الأداء). ويشمل الشق الأول منح راتب شهرين لجميع الموظفين، ووضع حد أدنى للمرتبات (3000 ريال). ويشمل الشق الثاني إحداث (1700) وظيفة للأجهزة الرقابية (هيئة الرقابة والتحقيق وديوان المراقبة العامة وهيئة التحقيق والادعاء ووزارة التجارة والصناعة)، وذلك بالإضافة إلى دعم جهاز "برنامج التواصل والمتابعة" في الديوان الملكي، وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.

ويلاحظ المراقب حرص خادم الحرمين على سرعة الإنجاز ودقته، حيث تضمن العديد من الأوامر الملكية التي أسست هذه البرامج النص على إنشائها على وجه الاستعجال، وتحديد جداول زمنية قصيرة لعدد منها.

ولذلك فقد حان الوقت، بعد مرورعدة أشهر على تبني هذه البرامج الطموحة، لأن تقوم الجهات المختصة بعرض ما تم إنجازه منها على المواطنين. فالجميع يعرف أن راتب الشهرين قد تم صرفه، وهو أحد الجزئيات السهلة نسبياً من البرامج العديدة التي تم إقرارها، وتابع المواطن في وسائل الإعلام ما تم إنجازه حتى الآن تجاه تصميم وتخطيط بعض المشاريع الإسكانية، ولكن ماذا عن بقية البرامج؟ هل تقلصت فترات الانتظار؟ هل تم تعيين مراقبي الأسعار ومراقبي الأداء في الدوائر الحكومية؟ هل تم صرف ما تم إقراره من زيادات في الضمان الاجتماعي ومساعدات الأسر المحتاجة وأصحاب الاحتياجات الخاصة؟ هل بدأ العمل في تصميم المستشفيات والمراكز الطبية؟

ستكون سُنّة طيبة لو نشر تقرير دوري (كل ثلاثة أشهر مثلاً) عن الإنجاز الذي يتم إحرازه في كل واحد من هذه البرامج، إلى أن يتم استكمال تنفيذها.