ذات مرة التقى "ممكن" في طريقه بـ"مستحيل" فسأله: " أين تقيم يا مستحيل؟! " فأجابه مبتسما "في أحلام العاجز " حكاية حكيمة مأثورة عن الشاعر الهندي الإنساني "طاغور"، ما أود قوله: إنّ المستحيل ما هو إلا الوهم الذي يتغذى على مرض الوسوسة حين يخلقه الفراغ في حياتنا، ودائما ما يسكن في عقول العاجزين الذين يبحثون عن أسباب الفشل قبل المحاولات، وربما توقفت لديهم عجلة المحاولة عند بوابة الفشل الأولى، وربما أيضا عند اللاشيء، فهو لم يتعب نفسه عملا أو دراسة ليصل لهدفه أو حلمه، وذلك لأنه صدق فشله قبل المحاولة وأن هدفه "مستحيل"!، وكثير بيننا يصدقون هذا الوهم، بل يُحولون الوهم إلى كائن حي له جسد هلامي، وينبتون منه أيدي وأرجل لكنه بلا رأس، بلا ملامح، بلا عقل! فلا يتحرك للأمام خطوة واحدة!
الموسيقار بتهوفن مثلا لو استسلم لإعاقته بالصمم وصادف هذا المدعو "مستحيل" في طريقه، لما أخرج للعالم أعظم معزوفاته الموسيقية العالمية التي لم يسمعها هو، ولو استسلم توماس إديسون لذاكرته المتعبة والضعيفة وصدق يأس مدرسيه في المدرسة منه في حفظ دروسه حتى اعتبروه من الفاشلين، لما سجل باسمه 1200 براءة اختراع، أبرزها المصباح الكهربائي وآلة التصوير السينمائية وجهاز لاقط للراديو بل والأنبوب الإلكتروني الذي تقوم عليه مبادئ الإذاعة اللاسلكية والتلفون على مسافات بعيدة والسينما وأشعة اكس وغيرها، وأيضا هيلين كيلر المؤلفة الأمريكية التي كانت عمياء وصماء من أشهر الكاتبات العالميات، ولماذا نذهب بعيدا، لدينا الكاتب الصحافي عمار بوقس الذي تحدى شلل أطرافه جميعها وليس له منها سوى لسان وعينين، ليتفوق بهما في جميع مراحله الدراسية وحتى الجامعة وواجه الكثير من الصعوبات ليس في دراسة التخصص الذي يحبه وهو الإعلام ويتخرج منه متفوقا بل نابغا، ولكن كي يقنع الآخرين بأنه قادر على النجاح وأنه لا يؤمن بالمستحيل وسيحقق ما اعتبره الآخرون مستحيلا، وها هو اليوم كاتبا له حضوره عبر جريدة المدينة، وغير بوقس بيننا كثيرون جدا، ممن تجاهلوا وهم الآخرين لهم بالمستحيل .
في حياتنا جميعا محطات فشل، ولكني أعتبرها محطات للتزود بالطاقة وإعادة الشحن من أجل المواصلة للنجاح، فلولا الفشل لما كان للنجاح طعم، وهذا الكائن البسيط "حليمة" مرت بالعديد من التجارب الصعبة، والتحديات التي حاولت تخيفني، وتثنيني عن مواجهتها، وربما تُرغمني للعودة إلى الوراء والاستسلام، لكني أحمد الله تعالى أنه جاوزني هي، وسدد خطواتي لما بعدها، وربما قد أخبركم عن شيء من سيرتي "التحفة يوما" ولكن خلوها بيني وبينكم دون "لقافة " واحد "اسمه مستحيل"، المهم أني أبدا لم أكن مؤمنة بأن هناك كائن أسمه مستحيل سأصادفه في طريقي، يصنعه الوهم الذي كثيرا ما يخلقه الآخرون في رؤوسنا وعواطفنا، وما دامت هناك إرادة وعزيمة فهما مخولتان لأن تمدان أي منّا بالطاقة الإيجابية التي تؤدي بنا إلى العمل وتحقيق أهدافنا التي نسجتها طموحاتنا، هذا الطموح الذي تغذيه الأحلام والأحلام بدورها نستمدها من حبنا للحياة، هكذا عبر هذه السلسلة نصنع ما يعتبره الآخرون مستحيلا.
أخيرا، ما أود قوله، لا مستحيل أبدا ما دامت الحياة مستمرة، والمستحيل الوحيد لدينا الذي نعجز أمامه حصوله هو الموت، فقط لأنه ضد الحياة ونهايتها، فأحبوا الحياة وعيشوا أحلامكم.