لم يكن ينقصنا إلا تصريح مدير عام الأندية الأدبية السابق لتكتمل حزمة التصريحات المتعاقبة خلال شهرين، تصب جميعها في وعاء مشاركة المرأة في الانتخابات وترشحها لعضوية مجلس الإدارة، بل ورئاسة النادي! يقول: "كثر خير الأندية الأدبية والوزارة أنها أعطت المرأة الفرصة للتصويت، فيما البلديات لم تفعل شيئا من ذلك". هكذا، وبلهجة تطفح بالتمنن على الأديبة السعودية، المنتمية للأندية الأدبية، الصابرة على ضيم إقصائها من مجالس إدارتها منذ تشكيلها. هل أصبحت "ملطشة" لكل من حسب أنه امتلك زمام أمرها، وتقرير مصيرها الانتخابي، لمجرد موقعه في وزارة الثقافة أو في الأندية الأدبية؟ ثم من أعطاه الحق في مخاطبة نخبة المثقفات بهذه اللهجة الفوقية، ومسؤوليته على حد علمي لا تتعدى الإشراف الإداري على الأندية الأدبية، أي إنه ليس رئيسا على رؤساء الأندية، ولا وصيا على الأدباء والمثقفين ذكورا وإناثا، إلا إذا كانت المرأة مستثناة من هذه الاستقلالية. فماذا ترك لوزيرنا، ووكيله المسؤول المباشر عن الثقافة وشؤونها في وزارة الثقافة والإعلام، أي عن الأندية الأدبية، بصفة رئيسية. ثم أي مقارنة تلك بين انتخابات مجالس البلديات التي لم تخض المرأة غمار العمل فيها، والأندية الأدبية التي دخلتها المرأة بقوة كناقدة ومبدعة، ومن خلال اللجان النسائية التي مثلت مرحلة انتقالية أسست لدخولها الأندية منذ تأسيس وكالة الشؤون الثقافية عام 2005.
وجاء تصريح الوزير الفيسبوكي التصحيحي الذي أكد فيه على "حق المرأة في عضوية الجمعية العمومية وأن تشارك في انتخابات مجلس الإدارة ناخبة ومرشحة بل وأن تصل إلى رئاسة مجلس الإدارة عبر الانتخاب، وأي حديث عكس ذلك غير صحيح" لينسف كل التخرصات، ولا أملك إلا أن أصرح بكل امتنان: "كثر خير الوزير على هذا التصريح"، وأتمنى أن يكون آخر كلام! وأن يتحقق الترشيح.
لقد كان بإمكان الوزارة تلافي إشكالية انتخاب المرأة، وترشحها لو أنها توجت لائحة الأندية الأدبية بشعار "اللائحة لا تفرق بين مثقف ومثقفة وأديب وأديبة" الذي ما فتئ الوزير ووكيل الشؤون الثقافية السابق والحالي يرددونه منذ إقرارها حتى بات مكرورا. لو أنها فعلت ذلك، وأشارت في مقدمة اللائحة أنها تشمل المرأة والرجل، لما حدث هذا اللبس، وحتى لا يأتي من يقول: "اللائحة ليس فيها ذكر للمرأة، ونحن نطبق اللائحة"؛ ففي ظل ما تعانيه المرأة من إقصاء لا يمكن الركون إلى فهم من يطبق اللائحة لحقيقة أنها غير خاضعة للجنوسة أو النوع، وأن الضمير فيها مطلق ويشمل الأنثى والذكر. وحتى بعد أن يسمح للمرأة بترشيح نفسها، هل يمكن الاطمئنان إلى أنها سترشح؟ هل سيمنحها المثقف صوته؟
الاحتياط واجب، ونصيحتي: خذوها من قصيرها، وكوّتوا!.