أثناء حياته أكد الشاعر والروائي الراحل غازي القصيبي مكانته العالمية، ليس كأديب فقط بل وكسياسي تنويري ترك بصمات واضحة في الحياة الثقافية والسياسية في المملكة كما يقول عنه الكاتب الألماني حنا لابونتيه الذي كتب مقالاً خاصاً في رثاء الفقيد لمجلة قنطرة الألمانية

http://ar.qantara.de/webcom/show_article.php/_c-471/_nr-998/i.html قال لابونتيه: حين وقف وزير العمل السعودي غازي القصيبي عام 2008 ليبيع الهامبورجر في مطعم للوجبات السريعة بإحدى المدن الساحلية طوال ثلاث ساعات، كان ذلك الأمر حدثاً كبيراً في السعودية. وكان الجدل في وسائل الإعلام يحتدم حول "سعودة" أماكن العمل، فقد خصصت وزارة العمل نسبة من أماكن العمل للمواطنين السعوديين من أجل التغلب على مشكلة البطالة المتفشية بين الشباب. كان القصيبي محاصراً بين نسبة البطالة المتزايدة من جانب، وبين آلاف الوظائف الشاغرة في قطاع الخدمات العامة والضغط الاقتصادي لشغلها بعمالة آسيوية بسيطة من جانب آخر.

ومن خلال وقوفه لبيع الهامبورجر أراد الوزير أن يسلط الضوء على الموقف المتعالي لمواطنيه، الذين كانوا يستنكفون عن العمل في مثل هذه الوظائف، وقال القصيبي آنذاك: "لا توجد لدينا "دماء زرق" تميزنا عن الشعوب الأخرى، وكل الشعوب تبحث عن رزقها، والله تعالى جعل تمايزات بين البشر، والأنبياء كانوا أصحاب مهن، وقد عملوا في النجارة والزراعة والرعي.

ويضيف الكاتب أن غازي القصيبي الذي ولد لعائلة ثرية في المنطقة الشرقية واجه خلال حياته الكثير من الانكسارات، كان أولها هزيمة 1967 التي أثرت فيه طوال حياته وانعكست في نتاجه الأدبي وفي قناعاته السياسية.

ثم يستعرض الكاتب شيئاً من مواقف الفقيد منذ توليه منصباً وزارياً عام 1975 وتنقله لأسباب مختلفة بين وزارة وسفارة، ويذكر مثلاً قصيدته الشهيرة في الشهيدة آيات الأخرس التي كانت سببا في غضب النخب السياسية الغربية عليه مما دعا إلى انتقاله من سفير للمملكة في لندن إلى شغل منصب وزير العمل حيث عمل على حل مشكلة البطالة بين الشباب السعوديين، وحاول أن يشجع توظيف النساء بشكل خاص، الأمر الذي انعكس سلباً على شعبيته. وطالما كان عرضة للنقد والتهجم بسبب أفكاره السياسية والدينية.

وعن أعماله الأدبية يقول الكاتب، لقد كان الحب والتابوهات وأحوال الدول العربية من أهم موضوعات أعماله، ولم ينفك في رواياته وقصائده عن تناول العلاقـة بين الغرب والثقافة العربية، وانتقد بالتفصيل القبول غير المدروس بالبضاعة الفكرية والثقافية والاستهلاكية للثقافات الأخرى. وبشكل خاص في رواية "سبعة" يشجب النخبة المتعلمة في "الغرب"، التي تشعر بتفوقها على الإنسان البسيط، بدلاً من أن تسخر معرفتها، لقد نجح القصيبي خلال حياته في مواجهة الموازنة الصعبة بين الإصلاح وتقاليد المجتمع السعودي.