هل رأيتم جمهور الأهلي عصر أول من أمس في الصالة الخضراء أو صالة رعاية الشباب بجدة؟هل شاهدتم من قبل جمهوراً عظيماً يقدم الفن والمتعة أكثر من طرفي النزال؟ وهل أبصرتم كيف يغدو الجنون جميلاً ومقبولاً ومستحباً على يد أنصار الجماهير الخضراء الذين لا يجاريهم أحد في فنون العشق والهيام ومطارحة الغرام لمعشوقهم الأهلي؟

عصر الجمعة ولأكثر من ساعتين زمن نهائي كأس النخبة في كرة الطائرة بين الأهلي والهلال، الذي انتهى لمصلحة الأول استمتعت وطربت وتشجنت ورقصت وغنيت وانتشيت وصفقت وأنشدت وتمايلت وزهوت وتباهيت وطرت عالياً مفاخراً بهذا الجمهور العظيم، الذي أتفهم أن يهاجمه عضو شرف الهلال الأمير خالد بن طلال والإداري منصور الشريف مشرف الطائرة الزرقاء، وبقية الفرقة المحبطة بالخسارة والحرمان من جمهور يشبه الذي رأوه في جدة!!، ولهذا أتفهم هجومهم على هذا الجمهور الاستِثنائي لأنهم لا يملكون مثله روحاً وحباً وقوة، ولأن هذا الجمهور كان عاملاً كبيراً في هزيمتهم ليس بالولاعات والبخاخات وغيرهما كما ادعوا، فقد شاهدنا المباراة وكان جمهور الأهلي يشجع ويهتف ويغني، وكانوا يسبحون بفريقهم في الأمواج الزرقاء كما يريدون ويشتهون دون هوادة ودون توقف!! أما كيس الفصفص الذي رمى به الجمهور داخل الصالة فهو في اعتقادي كناية رمزية عن أن جماهير الأهلي لا تحتاجه وأنها في مهمة عمل وحب تجاه معشوقها!! وليست في جلسة عصرية شاي!!

إنه جمهور الأهلي يا سمو الأمير، نعم جمهور الأهلي الأبي صاحب الوفاء والدور الفاعل في خدمة ناديه بالمشاركة الإيجابية وليس بالجلوس وأكل الفصفص والتصفيق البارد كما تفعل الجماهير في الرياض سواء في مشاركات فرقها أو مشاركات المنتخبات الوطنية.

أعذر الأمير خالد بن طلال لأنه من قبل لم ير جمهوراً عاشقاً وقوياً كجمهور الأهلي وقوته في فنه وفي تقديم المتعة التشجيعية لكل المحايدين؛ فحتى الذين لا يحبون الكرة ولا يتابعونها وقفوا أمس أمام شاشة التلفزيون إعجاباً واحتراماً لهذا المشهد الأخضر الفاتن، حتى أن الزميل عادل عصام الدين هاتفني بعد المباراة وقال إنه استمتع بجمهور الأهلي أكثر من النزال نفسه، ومن غير الأهلي يقدم المتعة الكروية، وإذا غاب فريق القدم عن تقديمها فإن الجمهور لا يغيب تبعاً لذلك بحضوره ووفائه ومساندته وجماله وابتكاراته ومبادراته التي كانت دائماً صاحبة الأولوية والسبق والريادة في كل شيء، كما تجلى ذلك في النشيد الرسمي للنادي الذي ابتدعته الجماهير فكرة وتنفيذاً وأداء، وهاهو نادي الاتحاد يسير على درب الأهلي وهو شيء رائع أن يقلدك الآخرون لأن في هذا اعتراف بأوليتك وأسبقيتك وانفرادك بالنجاح والتميز!!

ولو كنتُ اليوم لاعباً أهلاوياً في نزال الشباب لخجلت من هذا الجمهور الذي يبادلني التحية قبل كل نزال، مقدماً فروض المحبة والعشق والولاء في أبهى وأخلص صورها: "لك العهد والعشق والانتماء/ وخلفك نمضي صباح مساء/ لتبقى مجيداً وفخراً وعيداً وصرحاً فريداً يطال السماء/ أيا قلعة المجد والمجد أهلي/ أيا منبع الفن والفن أهلي/ سفير الوطن شموخ وفن/ وعبر الزمان سنمضي معاً/ وعبر الزمان سنمضي معاً/ وعبر الزمان سنمضي معاً".

أمام لاعبي الأهلي الليلة فرصة تاريخية لاستعادة ثقتهم بأنفسهم وإنقاذ موسمهم ببطولة غالية خاصة أنها من البطولات ذات النفس القصير التي يجيدها الأهلي جيداً، وهم سيلعبون اليوم في الرياض والإياب في جدة، وإذا ما نجحوا في التأهل لنصف النهائي وهم قادرون متى أرادوا سيتكرر نفس السيناريو بأن يكون اللقاء الثاني في جدة وأمام أحد فريقين ليسا أقوى من الأهلي، والنهائي سيكون في جدة حتماً، المهم أن يخرج الفريق الليلة بنتيجة إيجابية لو بالتعادل!!

وأقول للاعبي الأهلي أنتم محسودون على جمهوركم، فهو أثمن من مئات الألوف الموعودين بها ومن كل الملايين؛ فبادلوه الحب والعشق احتراقاً وعملاً وكداً داخل الميدان لتمضوا معاً عبر الزمان وتعانقوا المجد!!