ما حدث للشرفاء الذين امتطوا قافلة الحرية لكسر الحصار الظالم القبيح المتعمد دولياً (على المستوى السياسي) للإنسان في غزة، وما صاحبه من ردود أفعال في مختلف دول العالم استنكاراً وشجباً وإدانة وامتعاضاً واستهجاناً، وقل ما شئت من الكلام (الكلام فقط)، يطرح قضية بالغة الأهمية: كم يساوي الإنسان العربي في أعين الغرب؟، وكم يساوي في أعيننا؟!.

الإجابة كما هي مدونة في عشرات ومئات التجارب: الإنسان العربي لا يساوي أكثر من كلام في كلام، سواء على اللسان العربي أو اللسان الغربي!.

فإذا أفقرناه أو أفقروه صنعنا أو صنعوا حوله هالات من الأمل البراق، وأوهمناه وأوهموه بمستقبل (ذهبي) مادام متمسكاً بالشرف والأمانة والإخلاص وصفاء القلب وعدم الحقد على الآخرين، والنتيجة أن هذا المستقبل لا يجيء أبداً...!، فإذا ثار وغضب وطالب، اتهمناه واتهموه بعدم الصبر والطمع فيما في يد الغير وعدم الرضا بما قسمه الله!.

وإذا سلبنا هذا الإنسان وطنه وعرضه وماله، بل ونفسه، فإن لدينا ولديهم من المقولات الجاهزة ما يدين هذا الإنسان، إذ تصبح مقاومته إرهاباً، وعدم رضوخه للظلم تكبراً وتعالياً على ما يسمى بـ"المجتمع الدولي"، ومن ثم وجب حصاره جواً وبحراً وأرضاً، بل وبجدار فولاذي تحت الأرض!.

كثير من الأصدقاء الذين صدمتهم أحداث الاعتداء على قافلة الحرية يتساءلون عن الإنسان العربي الذي يستطيع أن يصدر قراراً (لا كلاماً) يعيد لأخيه الإنسان العربي بعضاً من كرامته المهدرة!.

وهنا لم أتمالك نفسي من الضحك (المر)، واختناق القهقهات التي تساقطت مني كدموع على جمر وأنا أقول لهم: تعالوا نقرأ ما قاله شاعرنا الراحل صلاح عبدالصبور في حواره الممتع مع شيخه بسام الدين، وساعتها سنعرف أين الإنسان الذي تبحثون عنه:

(يا شيخي بسام الدين

قل لي:

أين الإنسان الإنسان؟

...

شيخي بسام الدين يقول:

اصبر سيجيء

سيهل على الدنيا يوماً ركْبُه

...

يا شيخي الطيب

هل تدرى في أي الأيام نعيش؟

هذا اليوم الموبوء هو اليوم الثامن

من أيام الأسبوع الخامس

في الشهر الثالث عشر

الإنسان.. الإنسان عبر

من أعوام

ومضى لم يدركه بشر

حفر الحصباء ونام

وتغطى بالآلام!.)