قد يكون توقيت البيان الصحفي الذي أكدت فيه وزارة الثقافة والإعلام أنها "لا تمانع" دخول المرأة مجالس إدارات الأندية الأدبية، صدفة فرضتها الاعتراضات والتساؤلات التي حفلت بها الأيام الماضية بعد أن نشر خبر مناقض عن "عدم السماح" للمرأة بالترشح لهذه المجالس.

ما أقصده بصدفة التوقيت، هو توافقه مع تداعيات عودة الجدل حول قيادة المرأة للسيارة إلى السطح، وبالتالي عودة النقاش الممل - الذي يدور في حلقة مفرغة منذ سنوات بعيدة - حول دور المرأة في مجتمعنا (ما لها من حقوق، وما عليها من محظورات)!. فلا أعرف هل هذا التوافق سيكون جانباً إيجابياً أم سلبياً بالنسبة لتوجه وزارة الثقافة والإعلام لإعطاء الفرصة للجميع لخوض تجربة الدخول لمجلس الإدارة بصوت الناخب؟. لكن الواضح أن "أم المعارك" - قيادة السيارة - ستلقي بظلالها على ترشيح المرأة لمجالس إدارات الأندية، فمن الجانب الإيجابي - بالنسبة للمرأة - قد تكون ردة فعل المؤيدين للقيادة، هي إعطاء أصوات أكثر لأي مرشحة تقرر دخول سباق كرسي مجلس الإدارة، على افتراض حضور هؤلاء بالعدد المؤثر في الجمعيات العمومية!.

لكن ما يدور في كواليس الأندية الأدبية حالياً، يوحي بأن الأمور ستكون مختلفة تماماً عما يعتبر الأمر الطبيعي، وهو أن الأدباء والمثقفين سيكونون حاضرين في الجمعيات العمومية. فجميع الأندية - بلا استثناء - تقر بأن استماراتها تعاني فقراً شديداً في الأسماء الفاعلة ثقافيا، والأخطر أن هذا الفراغ بدأ يُسد بأصحاب شهادات اللغة العربية، الذين ليس لهم (جمل ولا ناقة في الأدب) بل إن بعضهم دُفعوا عن طريق الزملاء أو الأساتذة السابقين في الجامعة لتسجيل أسمائهم، حتى يضمن هؤلاء الأكاديميون "التقليديون" مقاعد في مجالس إدارات الأندية. ومن الطرائف هنا أن أحد هؤلاء الأكاديميين أرسل معظم طلابه الذين حصلوا على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية إلى ناد أدبي (في المنطقة الجنوبية) ليسجلوا كأعضاء في الجمعية العمومية، والأدهى أن بعضهم عاطلون عن العمل حتى الآن، وربما أن أحدهم لا يجيد كتابة خاطرة!. كل ذلك حتى يضمن أصواتهم مسبقاً.

وفي ناد أدبي آخر يذكر لي أحد الزملاء أن عضو مجلس إدارة عمد إلى جمع كل أبناء القبيلة والمعارف الذين يحملون شهادات في اللغة العربية وسجلهم جميعاً في الجمعية العمومية، طبعاً لنفس الهدف الذي يسعى إليه الأكاديمي السابق. وفي ظل هذه الممارسات أتوقع أن الأيام المقبلة ستكشف الكثير من عمليات "الاختطاف" النظامي للمؤسسات الثقافية المحلية. والنتيجة كما يقول الإخوة في سورية (تي تي.. مثل ما رحتي جيتي).