أصبح الهجوم على الإسلام ومعاداته موضة بإيطاليا لكل من يرغب في تحقيق المال والشهرة والأهداف السياسية الرخيصة, فالقميص المسيء للرسول الذي أظهره العضو في حزب عصبة الشمال، والوزير السابق، روبيرتو كالديرولي، والسب والقذف في حق المسلمين الصادر عن اسم ماريو بورغيتسيو وقادة آخرين من حزب عصبة الشمال، والهجوم على كل ما هو إسلامي بإيطاليا حتى من طرف يمينيين من أصل عربي، كالكاتب كريستان مجدي علام، والبرلمانية سعاد سباعي, والحملة ضد بناء المساجد وتوقيف كل امرأة محجبة، كلها مؤشرات واضحة على انتشار هذه الموضة.

فلم يجد اليميني ماركو كولومبو وهو عمدة مدينة سيستو كاليندي (أقصى الشمال الإيطالي) من حل لتحقيق شعبية كبيرة بين سكان المدينة إلاّ بإعلانه أول من أمس رفض الثقافة الإسلامية بمدينته ومنع أي تجمع للمسلمين لإقامة الصلاة أو للقيام بأنشطة دينية فيها، مؤكداً أن ذلك هو الحل الأصلح للتصدي للإسلام ولثقافته التي تهدد الغرب - حسب ادعائه.

وقال مُظهراً تباهيه بمعاداته الإسلام: "من أراد الصلاة فليصلِّ في بيته ولن يتمكن المسلمون من التجمع بمدينتي ما دمت أنا موجود...، يجب عليّ احترام وعودنا الانتخابية لسكان المدينة". وأضاف أن إدارة بلديته التابعة لحزب عصبة الشمال ترفض بناء المساجد وستحاول بكل الطرق عرقلة بنائها كون وجودها – حسب زعمه - يزعج السكان.

مواقف عمدة المدينة وجدت معارضة كبيرة من اليسار الإيطالي المعارض الذي أكد أن منع المسلمين من إقامة شعائرهم الدينية، وعرقلة بناء أمكان للصلاة، من الأمور التي تعد خرقاً لمبادئ الدستور الإيطالي وحقوق الإنسان والقوانين الجاري العمل بها, مطالباً السلطات العليا بالبلاد بالتدخل العاجل لتمكين الأقلية المسلمة من حق الحرية في الاعتقاد والممارسة الدينية.

وكانت جمعية رياضية بمدينة سيستو كاليندي منحت مقراتها لمسلمي المدينة لإقامة الصلاة فيها بشكل جماعي, لكن العمدة اليميني رفض ذلك من دون أن يبدي تبريراً مقنعاً، ومن دون الاعتماد على القانون الجاري العمل به، ليتلقى تأييداً من حزب عصبة الشمال وقادته في ذلك، ومن ثم تزكيته لخوض الانتخابات.

يأتي موقف عمدة سيستو كاليندي في الوقت الذي تطالب عدد من الجمعيات والاتحادات الإسلامية بإيطاليا, السياسيين الإيطاليين والأوروبيين على السواء باقتفاء أثر الرئيس الأميركي أوباما في احترامه للإسلام ودخوله في حوار حقيقي مع مسلمي الولايات المتحدة والعالم، مشيرة إلى أن الحل الوحيد أمام إيطاليا وأوروبا لتفادي الدخول في صراع مع الإسلام هو احترام جالياته وتمكينها من حق الممارسة الدينية حسب ما تنص عليه الدساتير الأوروبية. وفي السياق نفسه كان محمد جان بييرو، وهو رئيس جمعية المثقفين المسلمين ومستشار لجنة الشؤون الدستورية بمجلس الشيوخ الإيطالي، قد دعا السياسيين الإيطاليين إلى الاستماع إلى كلمة الرئيس الأميركي حول حرية الأديان التي ألقاها في حفل الإفطار مع عدد من مسلمي الولايات المتحدة، وقال إن كلمة الرئيس أوباما حول بناء مسجد في موقع أحداث 11 من سبتمبر (جروند زيرو) توضح حسب رأيه سلوك الطبقة السياسية الذي ينبغي أن يكون على أساس الحقوق الأساسية. وأضاف: "نحن كثيراً ما ننسى أن الحرية الدينية أحد حقوق الإنسان، وعليها يبنى صرح الحرية والديموقراطية". وأكد أن رئيس الولايات المتحدة أظهر قناعته أن سياسة المواجهة والصراع بين الأديان والثقافات ليست سوى لعبة المتشددين، موضحاً أن أفضل وسيلة لمحاربة التطرف هي الدفاع عن حقوق الأديان والإسلام على وجه الخصوص.

وأشار المسؤول الإيطالي بمجلس الشيوخ إلى أن بإيطاليا وأوروبا موجة من الكراهية ضد الإسلام غير مسبوقة, مطالباً بوقفها.

غير أن هذه الكراهية ليست على إطلاقها، إذ يُذكر أن كنيسة مدينة جالاراتي (50 كلم شمال ميلانو)، كانت قد خصصت مكاناً في ساحتها لإقامة خيمة كبيرة، لإقامة صلاة التراويح خلال شهر رمضان المبارك، بعد أن منعت بلدية المدينة اليمينية إقامة مسجد بالمدينة.

وقال القس فارنكو كارنيفالي وهو المسؤول عن المبادرة, إن كنيسته استجابت لطلب الجالية الإسلامية بمساعدتها على إيجاد مكان للصلاة في شهر رمضان واتخذ قرار منحها فضاء بالكنيسة.

وقال "نحن مطالبون بالتعاون مع إخواننا المسلمين والوقوف معهم في محنتهم في شهرهم المقدس، لهذا فمنحهم مكاناً للصلاة هو أمر ضروري". وكان مسلمو المدينة يتوافدون على مركز إسلامي لكن وصول اليمين إلى مركز القرار وإلى إدارة البلدية عجل بإغلاقه بحجج متعددة، من بينها أن المركز يزعج السكان الإيطاليين وأنه يضم متطرفين.