أعلنت شركة إعمار المدينة الاقتصادية بنهاية تداولات الأربعاء الماضي في سوق الأسهم عن حصولها على قرض تجاري من وزارة المالية بقيمة وصلت إلى5 مليارات ريال. ويمتد الاتفاق على مدى 10 سنوات، وتتضمن فترة سماح لمدة 3 سنوات، إضافة إلى تقديم "إعمار" أراض تصل مساحتها إلى 24 مليون متر مربع كضمان للقرض. ولكن هذا الخبر الذي بدأت انعكاساته الإيجابية على سهم شركة إعمار يحمل في طياته الكثير من الأمور التي يجب أن يقف عليها المساهمون.

فكما هو واضح من الاتفاق وقوائمه المالية على امتداد السنوات الخمس الماضية، فإن الشركة تعاني من مشكلة في السيولة، فهي لم تتمكن من التوجه إلى سوق التمويل التقليدي، ممثلا في البنوك التجارية أو طرح صكوك طويلة الأجل بسبب انخفاض الثقة في قدرتها على السداد، ولذلك كان عليها الاقتراض مباشرة من الحكومة.

ولكن إقناع وزارة المالية تطلب حصولها على ضمان تقدر مساحته بنحو 14% من إجمالي مساحة المدينة ككل.

هذا القرض سيستخدم لتمويل أعمال إنشاءات المرحلة الثانية من المدينة، والتي لم يتم الإعلان عن تفاصيلها حتى الآن.

ولا أعتقد أن شركة إعمار المدينة الاقتصادية كانت تخطط لتدبير هذا القرض في الأساس، إنما كان من المفترض أن يتم تمويل المرحلة الثانية من العوائد المحققة من الأعمال المنفذة في المرحلة الأولى، أو على أقل تقدير، بقروض طويلة الأجل تعتمد على التدفقات النقدية المتوقعة من مشاريع المرحلة الأولى.

فهذه المرحلة تتضمن منطقة صناعية وميناءً بحرياً متكاملا ومناطق سكنية.

وحاولت إعمار تطبيق نموذج عمل نجح في فترة ما قبل الأزمة العالمية في الإمارات يعتمد على مشاركة المضاربين في أرباحهم، معتمدين على الطلب العالي على الوحدات السكنية. ولم يصمد نموذج العمل هذا بسبب عدم جاذبية تلك الوحدات السكنية، وانعدام قدرتها على إيجاد طلب حقيقي من المستخدمين النهائيين.

ويشكل الاتفاق فرصة أخيرة أمام شركة إعمار لإنجاح المشروع، ولذلك فإنه من الضروري أن تعيد الشركة حساباتها وتغير من نموذج عملها.

فالوحدات السكنية لن يزيد عليها الطلب إلا بخلق الوظائف التي تتطلب من الزبائن أن يتحولوا إلى العيش فيها، ولذلك فإن إنعاش وتفعيل المنطقة الصناعية وبدء الميناء البحري بالعمل يشكلان خطوة على الطريق الصحيح، ولكن مشكلة المصانع تكمن في أنها تخلق عدداً محدوداً من الوظائف عالية الأجور للمواطنين بسبب اعتماد المصانع في المملكة على العمالة الرخيصة، ولذلك يجب الاعتماد على القطاع الخدمي وتوفير كل ما يلزم لاستقطابه إلى المدينة.

وبذلك، لا تقع مسؤولية إنجاح مدينة الملك عبد الله على إعمار وحدها، فالقطاع العام ضروري مثله مثل القطاع الخاص.