أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن تقدما تحقـق في محادثات السلام في الشـرق الأوسـط التي انطلقت أمس في البيت الأبيض. وقال للصحفيين بعد الاجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس، كل على حدة، "نحن نحقق تقدما".
والتقى أوباما مع الرئيس الفلسطيني في مواصلة لاجتماعاته الثنائية مع بعض قادة الشرق الأوسط في إطار الجهود الرامية إلى التوسط من أجل تسوية بين الإسرائيليين والفلسطينيين لتحقيق السلام.
وكان أوباما التـقى رئـيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وقت سابق أمس، ومن المقرر أن يلتقي في وقت لاحق مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري حسني مبارك.
مع بدء انطلاق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين اليوم بدأ اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة عملا منظما لإرساء أسس نظرة معينة إلى مسار المفاوضات والتمهيد إعلاميا لإزاحة مسؤولية أي عرقلة في مسارها على الجانب الفلسطيني. فقد توالت في محطات التلفزيون الأمريكية تصريحات لمسؤولين إسرائيليين لم تذكر أسماؤهم وآراء لقادة بعض منظمات اللوبي ترسم جميعا ملامح الخط الذي سيتبعه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال عملية المفاوضات.
وكان أبرز تصريحات المسؤولين الإسرائيليين مجهولي الهوية هو ما بثته محطة "فوكس نيوز" التلفزيونية من أن الجانب الإسرائيلي متمسك بفترة زمنية لا تقل عن عشرة أعوام تعقب التوصل إلى أي اتفاق "بهدف اختبار مدى جدية الالتزامات الأمنية الفلسطينية". وقال المسؤول الإسرائيلي الذي أدلى بذلك التصريح إن إسرائيل لا يمكنها أن تتعامل باستخفاف مع أمنها وأن التطبيق النهائي للاتفاق "لابد أن يكون مرهونا بالتقييم الدوري لمدى نجاح الجانب الفلسطيني في الوفاء بتعهداته الأمنية".
أما التصريح المهم التالي في مسلسل رسم ملامح الموقف الإسرائيلي فقد جاء في تصريحات أدلى بها مسؤول آخر إلى صحيفة "نيويورك تايمز" وقال فيها إن إسرائيل لن تتخلى عن شرط نزع سلاح الدولة الفلسطينية التي تسعى المفاوضات إلى إقرارها. وقال المسؤول "الدولة الفلسطينية المقترحة تشمل الضفة الغربية وغزة ويعني ذلك أنه من الضروري التأكد من أن الالتزام الأمني قد طبق قبل إعلان تلك الدولة".
ويوضح هذا بجلاء أن الجانب الإسرائيلي يفكر في المرحلة الراهنة بتجربة أوسلو ثم الجهود التي تلت توقيعها والتي هدفت إلى إفشالها ونجحت في ذلك. ذلك أن حديث المسؤول الإسرائيلي المجهول عن رهن تطبيق أي اتفاق بتقييم دوري لمدى الالتزام به يعني أن التوقيع لن يكون نهاية المطاف ولكنه سيبدأ عملية من "التقييم الدوري" يمكن أن تصل إلى نتائج تفيد بأن الفلسطينيين لم يفوا بالتزاماتهم وذلك في أعقاب أي عملية مسلحة يقوم بها الفلسطينيون أو تقوم بها إسرائيل وتنسبها إليهم.
فضلا عن ذلك فإن الحديث عن نزع سلاح قطاع غزة قبل تطبيق أي اتفاق يعني فتح احتمالات حرب أهلية فلسطينية – فلسطينية أي بين فتح وحماس ورهن التطبيق بدحر حماس من القطاع على أيد فلسطينية.
وتشرح تلك التصريحات الخطة الإسرائيلية بل والإصرار الإسرائيلي على بدء المفاوضات المباشرة بحكم أنها توقف من تداعيات عملية أخرى كانت دول عربية تهدد ببدئها وذلك عبر اللجوء إلى مجلس الأمن في مناخ دولي يتحول إلى إدانة التعنت الإسرائيلي ومن ثم وضع نتنياهو في مأزق دبلوماسي وسياسي كبير.
إلا أن المبعوث الأمريكي جورج ميتشل سعى إلى التخفيف من تلك المخاوف عبر التأكيد على التزام الولايات المتحدة بالمشاركة الفعالة في عملية التفاوض والتزام الرئيس باراك أوباما الشخصي بإنجاح عملية السلام في جولتها الجديدة. فضلا عن ذلك فإن المشاركة العربية في متابعة المفاوضات وبلورة مواقف مضادة للمواقف الإسرائيلية بهدف دعم الموقف الإسرائيلي تقدم بدورها ثقلا معاكسا للخطط الإسرائيلية التي تتكشف الآن بوضوح عبر الحملة الحالية للوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة التي تمهد لجعل المفاوضات الحالية "أوسلو – 2".
على صعيد آخر، رجح رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، في تصريح إلى "الوطن" عقد اجتماع ثنائي هو الأول من نوعه بين الرئيس محمود عباس ونتنياهو اليوم، مشيرا أيضا إلى احتمال عقد اجتماع هو الأول أيضا بين الوفدين المفاوضين الفلسطيني والإسرائيلي في ذات اليوم.