السؤال: هل يؤدي التميز الإعلامي إلى الاحتراق؟
الجواب: هذه المسألة فيها قولان:
فإن كان المتميز إعلامياً في بلاد العرب، فإنه سيحترق غبناً لا محالة، قولا واحداً، وأما إن كان في بلاد الفرنجة، فإنه سيتحول إلى رمز قومي لا محالة، قولا واحداً.
وهل هناك أمثلة على ذلك؟
نعم، "لاري كينج"، في أميركا، وهو عند قومه "سيد الميكروفون"، وهم يقولون: إنه ينطق أكثر من 18 ألف كلمةٍ في المتوسط، باليوم الواحد, واستطاع خلال مشواره الإذاعي والتلفزيوني إجراء مقابلاتٍ مع أكثر من 40 ألف شخصية، وهو ـ اليوم ـ رمزٌ وطنيٌّ أميركي.. يتتبعون أخباره، ويسألون عن أحواله.
وماجد الشبل، عندنا..
من ماجد الشبل هذا.. هلا حدّثتنا عنه؟
لا بأس، ولكن ماذا أقول عن ماجد الشبل، وقد غاب عنكم حتّى أصبحتم لا تعرفونه؟
أيها السائلون..
ماجد الشبل، كان مذيعاً في التلفزيون السعودي، وذلك في عصرٍ يسبقُ عصر الرداءة، وكان له صوتٌ يشبه نيلاً يجري في تدفقه، أما لغته فكانت كالمرآةِ في صفائها، فلم يكن يلْحن أو يتلعثَم كمذيعي "الإف إمّات"، ومذيعات القنوات.. كان يقرأ الأخبارَ فيشعر السامعون أنه من يصنعُ "أحداث العالم" لأنه يؤدي الأخبار أداءً، ويقرأ الوثائقيات فيستمع المشاهدون إلى معزوفةٍ استراحت في نغماتها الحضارات، ويدير الحوارات فيجعل المتابعين يقرؤون فصولاً طويلةً من الكتب العتيقة..
ماجد الشبل، كان يرسم الدرب إلى الأفق البعيد، ويجعل من مهنة المذيع عملاً خارقاً لا يجرؤ على الاقتراب منه إلا الراسخون في اللغة والثقافة والإحساس..
ماجد الشبل، كان يؤدي قصائد المجنون والزركلي وابن الرومي، فينقيها من الشوائب، حتّى تصير شعراً مصفّى.. فلا يملها السامعون، ولا يجافيها من ليست لهم بالشعر صلة..
كان يجعل من القصيدة حمائم أحياناً، وصقوراً أحياناً أخرى، ولا تستغربوا إن استمعتم إليه وهو يجعل من القصيدة ورقة توت، أو غصن ريحان، أو زنبقة في مزهريّة فاخرة..
كان يمزج ماءَ القصيدة بشمس صوته، فتصبح القصيدة دفئاً في الجبال، ونسمةً في السهول، وغيمة في الصحارى..
هذا هو ماجد الشبل..
بالمناسبة.. أنا أسألكم: هل سمع أحدكم عن إقامة تكريمٍ رسميٍّ لماجد الشبل؟
..................!
إذن؛ صحَّ الجواب.