ومن هو ساكن تلك المحافظة الذي لا يعرف الاسم بعاليه؟ وهناك إن لم تكن قد شاهدته فبكل تأكيد قد سمعت عنه ومن المؤكد أنك دون أن تدري تفرغ من جيبك يوميا بعض ما يصل إليه. زكريا البنغالي، هو إمبراطور تجارة التجزئة. راتبه على مسيرات الكفيل 600 ريال في الشهر لكن حجم حوالاته في العام يزيد أربعة أصفار إلى اليمين. ستة ملايين عبر شبكة من طرقه الهائلة. يسيطر زكريا البنغالي على سوق البنقالة بأسطول من التموين يمتد من أعلى الجبل إلى حدود البحر. يعمل لديه مئات الأفراد من بني جلدته وأطرفهم يعترف أن زكريا هو الكفيل. هكذا تقول اعترافاتهم في أوراق مفتش العمل. يسيطر زكريا على محلات توزيع البناء ويمد يديه كالأخطبوط إلى المنطقة الصناعية. أكثر من هذا يبيع جيش السيارات بالتقسيط. تقول البراهين إنه يمتد لما يقرب من نصف ألف من المحلات التجارية المختلفة. يدخل في كل شيء ويقال إنه يتحرك بحقيبة محشوة من الورق النقدي الأزرق ويحمي نفسه بحرس خاص لا خوفا من المواطن المسكين بل حماية من بني جلدته الذين يعرفون تفاصيل الثراء الفاحش. هم يحولون نقوده بأسمائهم من البنوك إلى حساباته في بلده ولهم منها عمولة مجزية. زكريا البنغالي أول من فتح لبني وطنه تجارة التحويل. بعضهم يقول إنه ابتدأ التحويل إلى ـ دبي ـ في وجهة استثمارية جديدة. لم يعد بلده الأصل يتسع لاستثماراته ولم تعد ـ محائل عسير ـ تكفي لنفوذ مالي بحجم هذا الاسم. احفظوه جيدا ثم حاسبوني على كل سطر من رأس هذا المقال إلى أخمص قدميه. وقبل أن تدينوني، اسألوا أصغر بنجلاديشي في هذه المدينة الوادعة. اسألوه عن كل حرف ثم اسألوه عن سيارة الهدية السنوية لكفيله السعودي فلا أحد حتى اللحظة يعرف اسم الكفيل. كل فرد راشد، وعلى مسؤوليتي، في هذه المحافظة يعرف اسمه جيدا وعن ظهر قلب. كل بني جلدته يحفظون منه أدق التفاصيل. زكريا البنغالي لهم رمز الطبقة الاجتماعية المذهلة. زكريا البنغالي هو زعيم ـ دكا ـ الحرة المحررة من كل مفردات القانون ومن كل أنظمة العمل. هو الزعيم الذي تبلغ ثروته، ربما مئة ضعف حصيلة الكفيل. زكريا لا يكفل المئات من بني جلدته: أخشى أننا كلنا كفلاء لديه. إنه شخصية العقد الأبرز حين اختارته مجلة ـ محائل ـ على غلافها. هو الغلاف.