ما التقارير الدولية؟ وهل تشكل مرجعية لكفاءة المؤسسات والتخصصات العلمية في الجامعات؟ ثم ما الموضوعات التي تحتويها التقارير الدولية؟ وهل جامعاتنا بحاجة لتقارير دولية لإثبات كفاءتها؟ وهل تستطيع جامعاتنا أن تقدم لنا تقييما ذاتيا عن كل جامعة لنطلع على حقيقة أداء هذه الجامعات؟ وهل تحتاج جامعاتنا إلى جهة أجنبية لإقناع المجتمع بأنها تقدم لهم ما يحتاجون من مخرجات؟ سوف أكون واضحا للغاية حتى يفهم من يرى أننا لا نفهم ما هي التقارير الدولية التي جلدونا بها ليلا ونهارا، هناك تقارير كثيرة منها ما يصدر عن منظمات دولية. وهناك ما يسمونه تقارير وهو اسم يمكن أن يطلق على ورقة تقدم عن شخص لمؤسسة. والتقارير الدولية لها غايات خطيرة. وكثير من الدول تحتج عليها لعدم صحة ما يرد فيها من معلومات لا تعتمد على بيانات رسمية وإنما تكون أحيانا افتراضية. ومعظم التقارير التي ترد عن المنظمات الدولية لها تطبيقات سياسية فهي ترتبط بسياسات وخطط وقروض وتوجهات تعمل تلك المنظمات على تحقيقها، وقد يعمد إلى تلك التقارير لإجبار بعض الدول على تبني بعض السياسات التنموية التي قد تضر بأوضاعها الوطنية. ولكن جهل الناس بالتقارير يجعلهم يتبنونها دون علم بأن ما فيها من معلومات موجود في الكثير من الدراسات والأبحاث المنتشرة في المجلات العلمية وفي الكتب والأدلة السنوية. ولكن يتم إلباسها اسم تقرير لإضفاء الرسمية عليها. ثم إن هذه الجهات ومعظمها خاصة ليست مخولة بوضع التقارير. لأن التقارير يجب أن تصدر عن جهات رسمية مخولة بهذه المهمة. والتقرير الحقيقى هو الذي يصدر عن جهة رسمية تمثل الجهات التي تقدم التقرير. وأيضا يركز التقرير على قضية معينة فيدرسها ويصدر الأحكام فيها ثم يحمل المسؤولية للجهات أو الأفراد التابعين لتلك الجهات. المهم أن ما يسمونه تعسفا بالتقارير الدولية وترتيب الجامعات أمر ليس بالصحيح فالجهات التي تصدر هذه الترتيبات غير رسمية ولا تمثل الجامعات التي يتم تقييمها وبالتالي فهي تحكم بما لا تعلم وتضع معايير غير صحيحة لا تحكم على المحتوى ولكن تأخذ بعض العناصر الهامشية التي لا تمثل تطور المؤسسة ولا مخرجاتها الحقيقة. والسؤال الموجه للجامعات التي تدندن حول التقارير (التغارير) هل تمت المقارنة بين الأساتذة في الجامعات وبين الطلاب وبين الابحاث والمكتبات الهزيلة وبين دور هذه الجامعات في نقل التقنية وفي الترجمة المغيبة في جامعاتنا والمباني وسكن الطلاب ونقلهم وتوافر التقنية في الجمعيات والنشاطات الرياضية والثقافية وفي ارتباط مخرجات الجامعات باحتياجات سوق العمل وبإتقان الطلاب للغة الوطنية ومعدلاتهم في اختبار وطني للغتهم مثل التوفل والجيمات والجي ار إي وغيرها من الاختبارات؟ وكم كتاب تصدره هذه الجامعات سنويا؟ وما هي الأبحاث الاستراتيجية في الجامعات التي تقوم بها مراكز الأبحاث وعلاقتها بالصناعة والتطور المعرفي والعلمي والتقني وغيرها؟ ثم أليست جامعاتنا تتحدث هذه الأيام عن انتهائها من وضع الاستراتيجيات وبعضها لا توجد بها استراتيجيات ولا تعرف ماذا تعمل؟ وبعضها وضعت ملايين االدولارات في استراتيجية ثم اعتمدت على استراتيجية جامعة محلية ألغتها وبدأت في استراتيجية جديدة.

هذه الاجتهادات من جامعة صينية وجامعة إسبانية لا تمثل مرجعية علمية ولا دولية وهي اجتهادات مجموعة من الباحثين الذين أشغلونا في بلدنا بعكس كل بلدان العالم التي لا تقيم لهذه (التغارير) وزنا. ولكن هذه مشكلتنا أننا نبحث عن أي شيء يغطى على فشلنا في الارتقاء بمستوى مخرجاتنا التعليمية، وعدم قدرتنا على وضع دراسات بسيطة لتقييم جامعاتنا ذاتيا. أين تقرير جامعاتنا الذاتي الذي يفترض أن يتم داخليا؟ ولو حصرنا ما كتب في الإعلام وما نشر عن هذه الجامعات خلال السنوات الماضية لعرفنا ما حققته الجامعات من دعاية ومادة إعلامية سواء على شكل أخبار أو إعلانات أو مقالات مدفوعة مثل التقارير التجارية المدفوعة الثمن التي يتحدثون عنها.

المطلوب ليس الكثير من الإعلام ولا الدعاية، ولكن نريد تقريرين، أحدهما محلي على مستوى جميع جامعاتنا والثاني على مستوى كل جامعة منفردة. وتوضع عناصر التقييم بعناية كافية حتى تتمتع بالمصداقية والشمولية والثبات في معلوماتها. اعطونا دراسات بسيطة عن مستوى طلابكم في اللغة العربية لوحدها والتي نخجل جميعا مما وصلت إليه. بالرغم من أنها لغة التعليم، إلا إن كان التعليم أصبح باللغة الأجنبية مطلبا لسد عجزنا في الترجمة وفي قدرتنا على البحث الجاد وعلى التدريس باللغة العربية. وأنا على يقين أن التدريس باللغة الإنجليزية أصبح وسيلة للهروب وليس مواجهة للمشكلة. ومن يزر الجامعات ويطلع على النتائج ويرى مستوى التدريس والأساتذة والطلاب في اللغة الإنجليزية يعرف ما أقول جيدا. وأخيرا استمعوا لما تقوله هيئة الاعتماد الأكاديمي التي تعرف مستوى جامعاتنا. وأكيد لن نفهم ما يريدنا البعض أن نفهمه من التقارير (التغارير) التجارية المدفوعة الثمن لأن هناك كثيرين لا يستطيعون تغطية التكاليف الباهضة للحصول على مواقع متقدمة في مثل تلك (التغارير).