الشاعر السعودي محمد حسن عواد سبق عصره حين تخيل في كتابه " خواطر مصرحة " الذي طبعه عام 1926، فتيات في عمر الصبا على أحد أرصفة شوارع جدة يعبرن في طابور إلى حافلة قطار ستنقلهن إلى أحد المصانع الوطنية في حائل.

والآن لو أن طالبة سعودية مقيمة في جدة، ولديها محاضرات يومية في الطائف، هل تنتقل للسكن في الطائف، أم تترك الجامعة، أم تذهب إلى جامعتها وتعود يومياً؟ وماذا لو لم يكن لديها سيارة أو سائق، هل ستركب الحافلات العظيمة التي يسيرها النقل الجماعي، وكم حارساً ستحتاج في هذه الحال؟

هذه أسئلة ربما راودت فتاة سعودية تدعى " لمى " تدرس في مدينة ليون الفرنسية وهي تقطع وحدها مرتين في الأسبوع بدون مرافقين أو حراس، مسافة" 900 كلم "بين ليون وباريس من أجل حضور محاضرة.

ويروي خالد صالح على موقع " تيارات ثقافية " http://www.thqaf1.com/vb/showthread.php?t=5743 تحت عنوان " من أوراق طالبة في ليون " شيئاً من تجربة الفتاة التي يبدو أنه على تواصل معها.

يقول الكاتب على لسان الطالبة: أدرس في مدينة ليون، ويتوجب عليّ أن أسافر إلى باريس كل ثلاثاء وجمعة لآخذ مادة معينة في أحد المعاهد. وبعد أن يبدي الكاتب دهشته تقول: المسافة بين المدينتين 450 كلم وسرعة القطار الذي أركبه 420 كلم، استقل القطار من ليون 6 صباحاً وأصل إلى باريس في 7.10 دقائق، ثم أركب المترو باتجاه المعهد وأصل هناك في الساعة 7.45، وأدخل قاعة المحاضرات من الثامنة وحتى العاشرة ، ثم أغادر باتجاه محطة القطار فأصلها في الحادية عشرة ـ نحن بقدرة الله مازلنا في الصباح ـ وأصل إلى ليون في الساعة 12.10 ثم أتجه إلى الجامعة فأصلها في 12.40 وآخذ محاضرتين ، ثم أعود إلى المنزل.

تضيف هذه الشقية التي فتحت أعيننا بملاقط الدهشة أن كثيرين من أهل ليون يعملون في باريس والعكس أيضاً صحيح، يعلق الكاتب بالقول: بالنسبة لنا هذه معجزة، وبالنسبة لها أمر عادي يتم بكل سهولة.

أما أنا فأقول إن هذه ليست هي المعجزة الوحيدة في هذه التجربة، فقد قالت لمى: لقد صرت أكثر التزاماً، وأؤدي الصلوات وأقرأ القرآن بانتظام، ثم إني توقفت عن وضع المساحيق على وجهي. ربما لأنها غدت جميلة من دون ماكياج، فقد اكتشفت الإنسان داخلها، ومع ذلك ربما هناك من بيننا من لا يرى في هذه التجربة العظيمة، سوى امرأة تسافر من غير محرم ؟؟!!