أذكر أنني كنت أفتح بريدي الإلكتروني فأجد عشرات الجامعات من كل أنحاء العالم تناديني لإكمال دراستي الجامعية فيها واليوم والحمد لله أغلب جامعاتنا السعودية، والتي قفزت قفزة كبيرة في مجال التطور التكنولوجي على مستوى الجامعات العربية والعالمية تروج لمفهوم التعليم الموازي.

ما بين شهادات بكالوريوس مواز وبين دراسات عليا موازية تحار وتغلبك عاطفة حب الرقي والتقدم الوظيفي والمكاني المجتمعي، فيتحمس كل دارس للحاق بما فاته وناله أقرانه خاصة أن النفس الأمارة بالسوء دوماً تقول لصاحبها ليس فلان الحاصل على الشهادة الفلانية بأفضل منك تحار .... وتفرح ... وتغلبك المشاعر المختلطة ... خاصة إن كنت بلغت من العمر عتياً فأنت تريد إثبات أن الشباب يعود يوماً وتريد إثبات أنك الطالب النجيب لولدك وأقرانك وعائلتك تتقدم وتخضع للشروط، وتبدأ المساومات الجامعة تشترط شروطاً منها التزكيات الدراسية: وما أدراك ما التزكيات الدراسية هي أوراق يقول أصحابها ممن درسوك إنك كنت نعم الطالب المجد حتى لو كان مدى انقطاعك عن الدراسة سنوات عديدة وقرونا زمنية بفواصل عقلية فلابد من التزكيات ومن أين لك بالتزكيات، فتضطر أن تلجأ لعلاقاتك الخاصة والعامة ومهارتك في الواسطات لتحضر تلك التزكيات وحينها يخف الحمل ولا ينتهي، تبدأ بعدها سلسلة المساومات المالية الفصل الدراسي الواحد بآلاف الريالات النقدية تختلف باختلاف الشهادة التي تحضر لنيلها وتفاجأ لحظتها أنه مطلوب منك الدفع وإلا .... فتغلبك العاطفة التي غلبتك هنا مراراً وتكراراً وتدفع، وقد يمن الله تعالى عليك بطول البال فتكمل دراستك وتتخرج وتأخذ الشهادة، ويبدأ مسلسل الطنين والتطنين والتطويل من أصغر موظف في إدارتك إلى الإدارة العليا التي تحيلها إلى ديوان الخدمة المدنية مشكوراً الذي يعيدها إلى إدارتك العليا ليقول لها بالحرف الواحد : (هل تحتاجون التخصص ؟!)

وهنا تدخل إرادة الله تعالى حسب مزاج مدير الإدارة الذي يجيب بـ ربما لا ؟!حينها يقول لك الديوان: التخصص المقدم غير مطلوب ويصدر في حق شهادتك التي سهرت الليالي تحلم بها وبترقيتها وصعودك إلى أعلى السلالم يصدر بحقها حينها الإعدام ولكن بالكرسي الكهربائي وإن من الله عليك بمدير ذي قلب رحيم وعقل متفتح مدرك لما بذلته من جهد - إن كنت بذلت – وما بذلته من مال وبالتأكيد بذلت، وما تعلمته من علم إن كنت تعلمت فقال للديوان نعم نحن نحتاجه أجاب الديوان مشكوراً مأجوراً إن شهادتك غير مصنفة لكونها تعليماً موازياً أو لكونها غير معتمدة مسبقاً من وزارة التعليم العالي أو أو .... أما الجامعات فهنيئاً لها ما حصلت عليه من آلاف الطلاب، وأعادت بعض الدكاترة المخضرمين ممن من الله تعالى على الأمة بتقاعدهم لبلوغهم الحد الائتماني من السن القانوني للعمل المبرمج فاكتفت الجامعة بأن أعادته إلى العمل بنظام التعاقد وتجده أكبر أهدافه ربما تسويق كتبه التي لم يفلح عرض المكتبات أن يقنع القارئ باقتنائها لقدمها أو لضعف الطرح فيها أو ربما لكونها تجميعات من كتب قديمة.