تواجه البنوك والمصارف السعودية بيئة مليئة بالتحديات التي تفرض عليها إيجاد حلول مبتكرة لتطوير نماذج عملها. هذه التحديات تتمثل في نسبة تشبع عالية جدا في قطاع تمويل الأفراد، بالإضافة إلى معدلات الفائدة المنخفضة الناتجة عن أزمة الائتمان العالمية. ولذلك فإننا نجد أن كافة البنوك والمصارف السعودية في هذه الأيام تقوم بتقديم عروض ترويجية تشمل كافة المنتجات بشكل مكثف.
السبب وراء هذه الحملات الترويجية هو محاولة لانتشال سوق الإقراض من حالة الركود الذي وقعت. بالإضافة إلى ذلك, فإن أزمة الائتمان العالمية فرضت على البنوك والمصارف أن تتشدد في سياساتها الائتمانية لدرجة حصول تكدس عال في سيولة المصارف. هذه السيولة لا تجد لها منافذ تمويلية تعود عليها بأرباح مجزية ولذلك تجد البنوك أنفسها مضطرة لتقديم المزيد من التخفيضات مع التركيز على منتجات جديدة ما زالت تستهدف قطاع الأفراد مثل التمويل العقاري، والذي يواجه مشكلة حقيقية في تسويقه كون المنتج النهائي غير متوفر أو مرتفع التكلفة. فبحسب إحدى الدراسات، فإن الفئة القادرة على الاستفادة من التمويل العقاري تحصل على رواتب أعلى من 15 ألف ريال شهريا، وهي بالتالي فئة محدودة جدا من المجتمع.
التزامن في توقيت حملات البنوك والمصارف يشير إلى اتفاق ضمني بين البنوك بتقريب أسعار الفوائد التي تجنيها على قروضها الممنوحة بشكل يتنافى مع المنافسة فيما بينها. الأمر الذي يؤكد حاجة الاقتصاد السعودي الماسة لتأسيس المزيد من المصارف المتخصصة، لتحقق الخدمة المثلى للعميل وترفع كفاءة الاقتصاد ككل.
ففي وقت الأزمات تخلق الفرص الجديدة، ولكن على الرغم من الوضع القائم، فإن معظم المصارف والبنوك ما زالت تصر على عدم تغيير نماذج عملها وعدم تطوير إمكاناتها لتواكب التغيير الحاصل في الاقتصاد والمجتمع. فعلى سبيل المثال، تؤكد بيوت الخبرة وكافة المنتديات العالمية على أهمية قطاع الأعمال الصغير والمتوسط أو الناشئ وأنه أكثر قطاعات الاقتصاد حيوية. حيث إنه يخلق عددا أكبر من الوظائف بالإضافة إلى نموه المتسارع وتعدد منتجاته، ومع ذلك نجد أن المصارف محجمة عن المساهمة في تمويل هذا القطاع.
يجب على المصارف أن تعي أن القروض الاستهلاكية التي تقدمها للأفراد ليس لها أي قيمة مضافة. وهي مطالبة بالابتكار بتقديم حلول جديدة تشمل قطاع الأعمال الصغير والمتوسط للخروج من حالة الجمود وكسر الحلقة المفرغة التي تدور فيها أموال المصارف. ذلك هو الحل لخلق المزيد من الوظائف، وبالتالي توسيع قاعدة العملاء، وهكذا تربح المصارف والشركات والمواطن والوطن.