أن يستمر ويزداد تألق نشاط الأمير سلمان الإداري والسياسي فيواصل حضوره للعمل قبل بعض الموظفين ويواصل استقباله المراجعين في الأوقات المحددة، ويكون هو وجه المملكة الذي تستقبل به ضيوفها من زعماء مجلس التعاون وربما غيرهم، فهذا أمر يسرنا نحن الكتاب ونشكره من أجله، راجين له مزيد الصحة ليواصل نهجه الحميد. وأن ينشط اجتماعياً فتكثر صِلاته الداخلية والخارجية على ذلك النحو اللافت فهذه خصلة وميزة محمودة تسرنا أيضاً لأنها مفيدة للوطن. وأن ينشط ثقافياً فتكون له محاضرات ومداخلات، فهذا أمر يفرحنا كذلك. وأن تتجاوز أنشطته كل ذلك فـ(يزاحمنا) في (جحرنا الضيق) فيمارس الكتابة فهذا أمر لابد أن نتقبله بصدر رحب حتى لو كان من باب (أهل الدثور والأجور).. وألا يكتفي بمشاركتنا (غرفتنا الضيقة) بل وينتهز (أوزارنا وعثراتنا) فتكثر ردوده علينا، و(يخوض في بطوننا) أحياناً كما حصل يوم الأربعاء الماضي في رده على زميلنا محمد علوان عندما قال (أي الأمير) إن بعض الكتاب عندما يكتبون عن موضوع لا يطلعون ولا حتى على ما ينشر في الصحف التي يكتبون فيها عن هذا الموضوع ولا يستفسرون من الجهات التي ترتبط تلك الموضوعات بها حتى يتسنى لهم التعرف على واقع الأمر، أقول فحتى هذا لابد أن نقبل به، بل ونرحب به أيضاً، ولكن أن يحصل كل هذا ثم لا تتاح لنا الفرصة أن نرحب بالأمير، ليس بالطريقة نفسها بالطبع ولكن فقط بالتعليق على بعض آرائه وردوده فلا تنشر مقالاتنا التي نعلق فيها على بعض آرائه، فهذا بصراحة أمر لابد أن نرده ونحتج عليه، لأنه لا يقبل به حتى سمو الأمير سلمان.
مساء يوم الثلاثاء 24/4/1432 ألقى سموه في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة محاضرة عن (الأسس التاريخية والفكرية للدولة السعودية) وقد وجدت في بعض إجابات سموه على الأسئلة التي طرحت عليه بعد المحاضرة ونشرتها "الوطن" ما يدعو للتعليق، فكتبت مقالاً عنوانه (لأول مرة أقرأ إجابة غير واضحة للأمير سلمان) قلت فيها إن الأمير تميز بخصال جيدة، من أبسطها أن إجاباته على الأسئلة التي تطرح عليه تكون صريحة وواضحة ولا تحتمل اللبس أو التأويل، لأنه بطبيعته صريح وقادر على التعبير عن أفكاره وآرائه، ولكنه وخلافاً لنهجه هذا أجاب على أحد الأسئلة التي طرحت عليه بعد المحاضرة بطريقة غير واضحة، واستخداماً لمنهج (بضدها تتميز الأشياء)، فقد أوردت قبل ذكر إجابته غير الواضحة نموذجاً من إجاباته الصريحة الواضحة في الزمان والمكان نفسه، أي من الإجابات الخاصة بأسئلة المحاضرة نفسها، وهي إجابته عن سؤال طرح عليه، عن كيفية الرد على بعض الصحفيين والكتاب ممن يكتبون ضد العقيدة، وقد أجاب الأمير على السؤال بصراحة ووضوح شديدين، فأكد أولاً على (أن الدولة ملتزمة في عقيدتها) ثم أضاف (إن الإعلام إذا قصَّر نلفت نظره، وإذا كتب شيئاً يخالف العقيدة فلدينا مفكرونا، ولديهم كل الفرصة للرد عليه)، ولمزيد من الإيضاح من سموه قال إنه سبق أن قال في إحدى المناسبات (إذا كان هناك حق مع الناقد نشكره وإن جانب الصواب فقد أعطانا الفرصة كي نرد عليه) ثم أضاف (لا أحد يمنع طلبة العلم من الرد على وسائل الإعلام) وقد شكرت سموه على كل هذا الوضوح وتلك الصراحة.
وبعد أن ذكرت تلك الإجابة الصريحة الواضحة أوردت الإجابة محل الملاحظة وهي غير الواضحة، وقلت إنها عن سؤال يتعلق بالادعاءات بوجود التعارض بين الانتماء للوطن والانتماء للإسلام، والمقصود على ما أعتقد ما يعبر عنه بـ(الأممية)، وهذا هو محور الارتكاز في السؤال كما أوردت "الوطن"، وقد أوردت إجابة الأمير نقلاً من النص الذي ذكرته "الوطن" والتي بدت لي (أي الإجابة) غير واضحة، خلافاً للنهج المعهود عن الأمير سلمان. ونظراً لأهمية الأمر فقد رجوت من الأمير انتهاز الفرصة في مناسبة قادمة لإيضاح رأيه في هذا الأمر الهام.
وحتى لا أكون قد علقت على ما لم أحط به فتكون هذه ثغرة يؤاخذني الأمير عليها كما فعل في رده على الزميل العلوان أقول إني من أجل ذلك طلبت آنذاك من الإخوة في "الوطن" أن يتأكدوا مما نقلوا، وكذلك رجعت لـ(الشيخ جوجل) فلم أجد ما يزيد اطمئناني، فاتصلت بالجهة المسؤولة عن الإعلام في الإمارة لعلي أحصل على نص السؤال والإجابة منها ووعدوني بالبحث عن ذلك، ولكن لم تتواصل الجهود، لأن المقال لم ينشر.
موضوع مقالي هذا بالطبع ليس عدم وضوح إجابة الأمير سلمان، فهذا كان موضوع ذلك المقال الذي لم ينشر، ولذلك لم أجد ما يدعو لمواصلة البحث عن نص السؤال ونص الإجابة من مصدر آخر غير "الوطن"، ولا ما يدعو لذكر إجابة الأمير غير الواضحة في هذا المقال. أما موضوع هذا المقال فهو الاحتجاج الشديد على صحيفة الوطن التي تتيح الفرصة للأمير سلمان ليستثمر عثراتنا وزلاتنا و(يخوض في بطوننا) ولا تتيح الفرصة لنا، ليس لمعاملته بالمثل بالطبع، لكن فقط للتعليق على آرائه التي يبديها مع أنه يزاحمنا في (جحرنا) الضيق بطريقة (أهل الأجور والدثور).
لقد قلت للإخوة في "الوطن" آنذاك إن الأمير يشجع على مناقشة آرائه، بدلالة أنه يقول (إذا كان هناك حق مع الناقد نشكره وإن جانب الصواب فقد إعطانا الفرصة كي نرد عليه)، ومع هذا لم ينشر المقال.. إنني أحتج بشدة على صحيفة الوطن.