كم سمعتُ عن تواضعها وأخلاقها الرفيعة من بعض الصديقات؛ وكم سمعتُ أنها كثيرة الشبه في إنسانية والدها وحبه للناس؛ ولطالما في الأنشطة الاجتماعية الخاصة بالمرأة، كنتُ أراها من المقاعد المتأخرة التي "أحبُّ الجلوس بها" وأختارها قصدا لأكتفي بالبحث عن الإنسان فيها؛ رغم محاولات بعضهن جذبي للمقاعد الأمامية التي تزهدها بساطتي؛ لكن رؤيتي لها هذه المرة كانت عن قرب؛ إذ شرفتني بتكريمها لي ضمن أخوات ناجحات في ملتقى سعوديات الغد الذي ترعاه وتدعمه هي شخصيا منذ انطلاقته لثلاث سنوات في كلية دار الحكمة بجدة؛ تشجيعا ودعما للشابات والطالبات السعوديات؛ ولا أنسى شكر القائمتين على تنظيمه الأختين لبنى ولينا غلاييني؛ واختياري أنموذجا ناجحا للمرأة السعودية يقدمنه للسعوديات اللاتي ننتظرهن بشوق وشغف ليضئن لنا المستقبل بعقولهن وإبداعاتهن وإنجازاتهن.

لقد كنتُ أرى أمامي ابنة الملك، بكل عفويتها وتواضعها وحماسها في تعامل راق مع الجميع على اختلاف مستوياتهن التعليمية والاجتماعية؛ لا تُميز واحدة على أخرى أبدا وتبادل بابتسامتها الجميع؛ كنتُ أرى فيها حماسها وفخرها بالسعوديات كلما صعدت إحداهن على المنصة لتقديم تجربتها في طريق النجاح؛ وقبل ذلك كله مستوى ثقافتها ومتابعتها لكل شيء في الصحف؛ فبدت لي تعرف الجميع عن كثب رغم أن بعضهن يقابلنها لأول مرة في حياتهن؛ لكن بمجرد أن يُذكر لها الاسم؛ تبدي ملاحظة قريبة ودقيقة عليه؛ حليمة التي هي أنا مثلا؛ وأنتم تعرفون هذا الكائن البسيط المشاكس هنا، ويطل عليكم بصورته "بدون بولند" على قولة أستاذنا الكبير محمد صادق دياب ـ رحمه الله ـ حين عرّفتُها بها خلال اجتماعها بنا كمتحدثات في الملتقى؛ أسعدتني بتعليقها أنها تقرؤني ومقالاتي وتعرفني جيدا عبر صورتي في الوطن؛ إلا أنها أيضا علقت التعليق الذي يُلاحقني أينما ذهبت وحللت، قائلة بعفوية رقيقة لا تخفي مفاجأتها بـ"المخلوقة" أمامها "تختلفين تماما يا حليمة عن صورتك في الوطن!"، بصدق لم أتفاجأ باستغرابها؛ وتوقعتُه؛ فهذه الصورة هنا وأنتم تعرفونها جيدا؛ باتت وبصراحة "تسيء إلى سمعتي ككائن لطيف غير مُخيف" وكأن مُصور "الوطن" ـ الله يسامحه ويغفر له ـ أخذ صورة بالغلط لقرينتي ـ بسم الله علي ـ فبات كل من رآني لأول مرة يسمعني تعليقه كموسيقى "حليمية" ينقصها صوت عبدالحليم حافظ: "حليمة مو معقول هذه إنتِي لا .. لالالا!؟" لأقول:"والله أنا .. والله أنا .. ولكن بدون بولند".

أخيرا وبصدق شديد؛ شعرتُ بأن صيتة بنت الملك "قلب ينبض بالإنسانية والحنان" هكذا تسللت إلى تفكيري خلال وقت قصير جلستُ فيه قريبة وصامتة كعادتي في مقعد أمامي أزهده؛ لكنه أعطاني هذه المرة فرصة الرؤية عن قرب للأميرة بنت والدنا عبدالله بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ خلال الملتقى الذي يأتي ضمن رعايتها المستمرة للسعوديات؛ وليس بغريب عليها؛ فمن يتابع نشاطها يجدها دائما راعية ومساندة لأنشطة خيرية واجتماعية لأجل المرأة السعودية؛ ولا ننسى رعايتها كتابا بلغة الإشارة للاتي يعانين إعاقة الصمم عن سرطان الثدي والوقاية منه؛ ولا ننسى جولاتها ببعض المناطق السعودية، لتقترب أكثر وأكثر من المرأة وكفاحها وطموحها وإنجازاتها وظروفها خاصة الفقيرات؛ فأعانها الله تعالى على أداء رسالتها الإنسانية والثقافية وسدد خطاها بكل خير وعافية.