تجربتي هي تجربة يومية ، فصولها مستمرة ، وأتمنى أن تنتهي. حكايتي تبدأ حين بدأت دوامي كفنية في أحد أكبر المستشفيات في المملكة ، وأعلاها ميزانية ، وأمهرها أطباء، كان الفخر يملؤني من إمكانات هذا الصرح الذي أنتمي إليه، حتى اكتشفت الحقيقة المؤلمة عن أطباء ومديري هذا المكان الأبعد عن الإنسانية ، وهو المفترض أن يكون ملاذا للإنسانية ، فأصبح العكس.. الأطباء متلاعبون متقاعسون ومهملون ، لا قيمة لحياة المريض لديهم ، فالمريض وملفه الطبي بنفس الدرجة في الأهمية ، المريض الصغير والكبير لهما نفس المصير ، كلهم لا يعدون مجرد أرقام في صفحة تسجيل المستشفى ، ورقم غرفة بانتظار أن تشغل بمريض آخر بعد إخراج المريض الأول بلهفة لا يخفونها ، الكثير من الأخطاء الطبية القاتلة يمكن تداركها لو كان لديهم ذرة من الاهتمام بالمريض، ولكن في الحقيقة الإنسانية والاهتمام أبعد ما يكون عنهم .
بصراحة كنا نسمع و نحن أطفال عن الأطباء ورحمتهم واهتمامهم، ولكني اليوم في مخالطتي بهم لا أرى إلا قلوبا فارغة من الرحمة وبعيدة عن العطف. إلى متى يستمرون على هذا الشكل؟ فالمريض يموت لعدم اهتمام الطبيب، وفي الأخير يبقى الطبيب بعيدا عن المحاسبة والعقاب والتشهير. أتمنى أن يصدر قرار شديد .. يعاقب فيه كل طبيب على أي خطأ طبي أو عدم اهتمام يؤدي إلى تدهور حالة المريض حتى يخافوا على نفسهم وشهرتهم على الأقل، أوليس الناس بأرواح تحس؟ على المسؤولين أن يفكروا بذلك.. ارحموا من في الأرض، يرحمكم من في السماء .
إيثار (الرياض)