في بلد الرئيس عمر البشير لا ينظر بعين الرضا إلى فرنسا، لكن واحدة من كبرى شركاتها وهي أريفا تحتل موقعا متميزا في قطاع التنقيب عن الذهب في السودان الذي ما يزال بكرا، بحسب ما أوضحه خبراء. ويبدو أن العلاقات الاقتصادية تجري في اتجاه مخالف للعلاقات السياسية بين البلدين، فعلى الرغم من تردي العلاقات الدبلوماسية إلا أن شركة مثل أريفا لديها الكثير لتكسبه هناك. وقالت نيكول بلانشار من مجموعة لامانشا الكندية التي تمتلك أريفا الفرنسية ثلثيها إن "المناجم في السودان ما زالت بكرا ولم يتم بعد استغلالها بعد". ويؤكد مسؤول رفيع في شركة "أرياب" التي تمثل شراكة بين "لامانشا" الكندية والحكومة السودانية، وتستغل أكبر منجم ذهب في البلاد في منطقة هساي شمال شرق البلاد منذ عشرين عاماً أن "السودان بلد واسع للغاية وفيه بالتأكيد مناجم ذهب أخرى بحجم المنجم الذي حصلنا على امتيازه". وتمتلك أرياب امتياز التنقيب في منطقة تبلغ مساحتها 30 ألف كيلومتر مربع شرق السودان. وأعلنت "لامانشا" في نهاية الشهر الماضي أن نتائج عمليات التنقيب "واعدة للغاية" في جبال النوبة وهي منطقة حساسة سياسيا وتقع على الحدود بين شمال وجنوب السودان. وأكدت بلانشار أن "المناجم في جبال النوبة ما زالت بكرا والعلاقات الطويلة بين أريفا/لامانشا والحكومة السودانية من شأنها أن توفر مناخا جيدا من أجل التنقيب في هذه المنطقة". وتتقاسم الحكومة السودانية مشروع جبال النوبة مع لامانشا بنسبة 30% للأولى و70% للثانية. وستبدأ عمليات الحفر العام المقبل من أجل تأكيد النتائج الأولية. كما منحت السلطات السودانية حقوق امتياز للتنقيب عن الذهب في أكثر من عشرين منطقة أخرى تقع خصوصاً بين نهر النيل والبحر الأحمر، وفقاً لما أعلنته وزارة المناجم. غير أن إنتاجها يظل حتى الآن هامشيا مقارنة بمنجم هساي حيث تم استخراج ستين ألف أوقية ذهب من الصحراء السودانية العام الماضي. ويقوم آلاف السودانيين بالتنقيب عن الذهب في شمال السودان، وهو أمر يثير غضب الشركات الكبرى. ويقول مسؤول من أرياب إن "البعض يعملون في المناطق التي نمتلك حقوق امتياز فيها وهذا غير مقبول". وتوجه وزير المناجم السوداني عبد الباقي جيلاني في منتصف الشهر الماضي إلى فرنسا حيث زار مكتب الأبحاث الجيولوجية والمعدنية في مدينة أورليان. ويؤكد الوزير السوداني أنه يريد "إعادة" التعاون بين هذا المركز والحكومة السودانية. وقال جيلاني لوكالة فرانس برس "نريد استكمال خريطة جيولوجية كاملة للسودان" بالتعاون مع المركز الفرنسي "لتتمكن الحكومة السودانية من تسويق ثروتها المعدنية على الصعيد الدولي". وأوضح جيلاني أنه التقى كذلك خلال هذه الزيارة وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير. وأضاف "قلت لكوشنير ضعوا السياسة جانبا، ويتعين عليكم حماية مصالحكم في السودان لأنكم إذا ابتعدتم عنه سيأتي آخرون ليحلوا محلكم".