بانهيار الشيوعية وتفكك الاتحاد السوفيتي، تحول كل العالم إلى نظام الاقتصاد الرأسمالي الحر. وبانهيار جدار برلين وتوحيد الألمانيتين، انتهى زمن الاستقطابات لأسباب سياسية، وبدأ زمن التكتلات الاقتصادية. هذه التكتلات بدأت على شكل مناطق تجارة حرة، مثل مركسيور في دول أميركا الجنوبية ونافتا لدول أميركا الشمالية، التي تقوم بإلغاء التعرفة الجمركية وتتيح سهولة أكبر في حركة تنقل البضائع بين أعضاء المنطقة. الخطوة التالية كانت تكوين أسواق مشتركة، مثل السوق الأوروبية المشتركة، وفيها توحد الدول المشتركة فيها سياساتها الاقتصادية والتجارية في كل ما يتعلق بالإنتاج، بدءا من المواصفات وحتى حرية تنقل عوامل الإنتاج من رأس مال وعمالة. أخيرا نصل إلى أعلى صور التكتلات الاقتصادية التي تتبلور في وحدة نقدية كاملة وتخلي الدول الأعضاء عن التحكم في سياساتها النقدية لصالح بنك مركزي موحد.

الفوائد المترتبة على إقامة أي تكتل اقتصادي تتمثل في توسيع السوق المستهدفة وتوفير عدد زبائن أكبر لكافة الأنشطة الاقتصادية، صناعية كانت أو خدمية. مما يفتح المجال أمام زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر في منطقة التجارة الحرة. وتعمل حرية نقل وبيع البضائع على الرفع من وتيرة التنافس بين المنتجين مما يزيد من فعالية الأسواق. بالإضافة إلى أن إلغاء الرسوم الجمركية يساهم في تخفيض التكاليف مما يضغط مع ارتفاع التنافسية وزيادة عدد الزبائن المستهدفين على خفض الأسعار. ومع تحقيق التكتل الاقتصادي للأهداف السابقة، يبدأ اقتصاد كل عضو في التركيز على ما يتخصص فيه. فبعض الأنشطة التجارية تصبح غير اقتصادية بسبب المنافسة وتوسع السوق، فتتحول الموارد عن هذه الأنشطة لصالح أخرى ما زالت تتمتع بميزات اقتصادية. وينتج عن ذلك زيادة في مستويات إنتاج دول التكتل على الرغم من استخدام نفس الموارد.

مجلس التعاون الخليجي هو أحد أمثلة التكتلات الاقتصادية الناجحة، التي تمكنت من الوصول إلى الاستفادة القصوى من إمكانيات التكامل الاقتصادي. لعل السبب الرئيسي وراء وصول مجلس التعاون لسقف التكامل الاقتصادي هو التشابه الكبير بين اقتصاد أعضائه، الذي يحد من أفق الاستفادة من التكتل. توسيع المجلس ليضم كلا من الأردن والمغرب سيضيف الكثير من التنوع إلى هذا التكتل الاقتصادي. ولكن بدون دراسة وافية لتوزيع الأدوار الاقتصادية وتكامل الموارد بين الأعضاء، فقد يضر هذا التوسع بدول المجلس الحالي. فهي لن تستفيد من موارد الدول الجديدة كونها تفتقر إلى ما يدعم الصناعات البتروكيماوية، في حين أن الدول الجديدة ستستفيد من حرية نقل عوامل الإنتاج. ولذلك يجب أن تكون العضوية في مجلس التعاون مرحلية لضمان استفادة كافة الأطراف المؤسسة والمنضمة حديثا.