يحظى شهر رمضان بمكانة عظيمة واهتمام خاص لدى المسلمين في شتى بقاع العالم، ومظاهر الفرح بشهر العبادة والصوم ليست حكرا على بلد معين فلكل بلد طريقته الخاصة ورونقه المميز في الاحتفاء به، وفي هذا التقرير نرى كيف تستقبل بلاد العجائب هذا الزائر السنوي العظيم.
فعلى الرغم من كون المسلمين يشكلون 15% من سكان الهند إلا أنهم يبلغون قرابة 160 مليونا كثاني أكبر عدد للمسلمين في العالم بعد إندونيسيا.
المسلمون الهنود (الأقلية الغفيرة) كغيرهم من المسلمين يستقبلون شهر رمضان الكريم بكثير من الشوق والتلهف، لكن مظاهر الاستعداد عندهم تبدو مبكرة نوعا ما إذ تبدأ الاستعدادات منذ بداية شهر شعبان؛ فيقومون بشراء حاجيات الشهر من سكر وأرز وحلوى وعصير، وتبدأ الزيارات بين الأسر والأصحاب.
أجواء تراثية
تحتفظ أجواء رمضان في العاصمة الهندية بالطابع الإسلامي القديم فموائد الإفطار الجماعية تُفرش بأغطية السفرة التقليدية التي تسمى "دستار خانز" في ممرات المسجد الجامع الكبير، في حين تجتمع النساء في زوايا خاصة في المسجد بصحبة أطفالهن بانتظار موعد الإفطار.
استعدادات خاصة
من المظاهر الأصيلة التي تصاحب دخول شهر رمضان في مناطق المسلمين وضع الزينات الكهربائية داخل المساجد وخارجها وانتشار الاحتفالات في كل شوارع وحواري المناطق ذات الأغلبية المسلمة في دلهي، وحيدر أباد وكلكاتا وكشمير ومومباي، وتزيين الشوارع والحارات وواجهات المحلات والمطاعم بزينة خاصة برمضان تتكون من أعلام وأوراق ملونة ذهبية وفضية إيذانا بقدوم الشهر الفضيل كما تضاء المآذن طوال الليل، وتبقى المطاعم وحوانيت الخبز والعصير مفتوحة إلى وقت السحور، وفي الأحياء والتجمعات الإسلامية تشاهد سيارات مجهزة بميكروفونات تطوف الشوارع والحارات لإيقاظ المسلمين لتناول وجبة السحور.
أكلات مميزة
يخصص الهنود أكلات خاصة بهذا الشهر الفضيل مثل (الهريس) و(نهاري) و(حليم) الذي ينال شهرة واسعة ويتم إعداده من خلال "طحن" الدجاج أو لحم العجل يدويا وخلطه ببقية البهارات والمكونات الأخرى لينتج مزيج لزج يغمس بالخبز بعد أن ينثر البصل المقلي عليه وكذلك الكزبرة المقطعة وتصل شهرة (حليم) إلى درجة مشاركة العديد من غير المسلمين في هذه الأكلة، كما تنتشر في بلدان أخرى كباكستان لكنها تؤكل على مدار السنة خلافاً للهنود الذين يتناولونها في رمضان فقط. ويحرص الهنود أيضا على تناول "الغنجي" عند الإفطار والسحور، وهو نوع حار من الشوربة يصنع من بعض التوابل ودقيق الأرز واللحم يقلل من العطش لدى الصائم كما يمنحه القوة، فيما يفضلون تناول مشروب (الهرير) طوال شهر رمضان وهو شراب يتألف من القمح والحليب ويضاف إليه السكر واللوز المطحون ويعطي نكهة لذيذة، بالإضافة إلى شراب التمر هندي الشهير حيث يتم نقع التمر لعدة ساعات وإضافة أوراق الكركديه ويشرب بارداً بالإضافة إلى شراب العنب والتفاح والليمِ (الليمون الحامض).
وتحرص المطاعم الشعبية المنتشرة حول المسجد الجامع في دلهي على تقديم أطباق خاصة للصائمين مثل "قورما" و"روزدار" و"الكباب" والرز البرياني، والخبز التقليدي مثل "رومالي روتي" و"النان" و"الشيرمال" وخبز التِّكا.
وللعبادات أيضا مكان وليست المساجد وحدها من تمتلأ عن آخرها بالمصلين في صلاة التراويح فقاعات الاجتماعات وصالات الأفراح أيضا تكتظ بالمصلين وهي ظاهرة موجودة في المدن التي يتمركز فيها المسلمون، ويؤدي المسلمون الهنود الصلوات الخمس في أوقاتها ثم يجلسون للاستماع للمواعظ والدروس عقب الصلوات كما يحرصون على قراءة القرآن الكريم.
ومن العادات الحسنة التي يواظب عليها أهل الهند الاعتكاف في المساجد في العشر الأواخر من رمضان.