في واحد من التعاميم الإدارية المضحكة، التي استصدرتها مساعدة مدير عام تعليم البنات بالأحساء، فيما يخص كيفية التعامل مع الحقيبة المدرسية (الثقيلة) وكيفية إيجاد الحل الأمثل لمعاناة الطلاب مع حقائبهم الثقيلة وظهورهم المتقوسة، حيث اقترحت سعادتها في أحد البنود الخمسة التي اشتمل عليها التعميم: أن يوضع الجدول الدراسي اعتمادا على وزن الكتب، وبالتالي فأنا أقترح على إدارة التعليم بعد أن تزود كل مدرسة بميزان مناسب، أن تكتب على غلاف الكتاب المدرسي وزن الكتاب بالغرام، لكي يتسنى للمدرسين والمدرسات ضبط معيار الغذاء الروحي للطلاب بدقة، مع تمنياتي الخالصة بألا تتجاوز حصة الطالب في اليوم الدراسي الواحد كيلو ونص من المعلومات، حتى لا يصاب بالتخمة.
أما البند الأخير فوجهت – حفظها الله – إلى التوعية بمخاطر حمل الحقيبة الثقيلة، وأنا أقول (خلوا الطالب على عماه أحسن) لأنني لا أعرف كيف سيتصرف الطالب إذا كان يعرف خطورة حمل الحقيبة الثقيلة، لكنه لا يستطيع تخفيفها، هل سيتركها في المنزل مثلا؟ والأدهى والأمر، أن يصدر تعميم بعد هذا التعميم يحث على الاهتمام بما ورد في التعميم الذي قبله (احلفوا).
نحن ندرك أن التعاميم الإدارية والوزارية في التعليم على وجه الخصوص، تحظى بأهمية ومنزلة كبيرة، فهي التي تدير وتنظم طبيعة العلاقة بين المعلم والمدير والطالب، في ظل وجود رؤساء يجهلون الأساليب الحضارية الأكثر جدوى ونفعية في التعامل مع المرؤوسين، بل وتلقن المنتسبين للتعليم حتى طريقة التخاطب والتحاور فيما بينهم وحل مشاكلهم ومشاكل طلابهم، فهي ببساطة تدخل في أكثر الأمور دقة وخصوصية، حتى ألغت شخصيات المديرات والمديرين وإنسانيتهم في كثير من الأحيان دون أن تترك مجالا للرؤية التقديرية لهذا المدير أو ذاك، حتى إنك لا تستطيع مخاطبة أي منهم دون أن تكون في يمينك مطوية لأحد التعاميم مما (أكل عليها الدهر وشرب) يجيز لك ما تطلبه ويسوغه، حتى وصلت الكثير من التعاميم إلى درجة مؤلمة من السطحية.
وبما أننا أصبحنا في عصر العولمة وكشف المستور، فإن التعاميم التي لم يكن يطلع عليها قديما سوى المديرين أو النخبة من المعلمين، قد أصبحت الآن في متناول صغار الطلاب والطالبات التي راقت لهم هذه اللعبة، فأصبحوا يحفظون التعاميم عن ظهر قلب، ويتحركون في مجالها الحر، ويبحثون عن ثغراتها أكثر من المعلمين أنفسهم، حتى إن المعلم أو المعلمة أحيانا يعرفون بجديد التعاميم من الطلاب أو الطالبات. أما آن الأوان لتقنين إصدار مثل هذه التعاميم وغربلة ما سبق منها؟