سأكتب اليوم خيالات لا علاقة لبعضها البعض.. جملا لا ـ عطف ـ لها مع الجملة السابقة أو اللاحقة. مثلاً، تخيلوا لو أن هناك كاتباً عاقلا حصيفا يقرأ كل محاذير الكتابة وما يحق له أن يكتب فيه وما لا يكتب. تخيلوا لو أنه اتبع كل هذه المحاذير على طريقة ظاهر النص وكيف سيكتب. تخيلوا لو أن العرب في الإرث التاريخي كانوا يربطون ـ الجحش ـ ويطلقون الفرس في البرية وماذا ستكون عليه الذائقة اللغوية ونحن نقول ـ هنا مربط الجحش ـ بدلاً من مربط الفرس مع كل قضية جدلية. تخيلوا لو أن الماء يمطر من السحابة بدلاً من هبوطه من السماء. تخيلوا لو أن الشمس تشرق في الصباح بدلاً من شروقها بعيد الفجر بساعة. تخيلوا أكثر من هذا ماذا سيحدث للنظام البيئي الكوني لو أنه يجعل الولادة للأنثى بدلاً من الذكر وتخيلوا كيف سيختل هذا التوازن لو أن الدجاجة تبيض ولو أن المرأة تضع مولودها مع بعد تسعة أشهر مع الاعتذار الشديد لجمع الدجاجة مع المرأة في جملة قصيرة وأرجو ألا تظنوا أنني أعتذر للدجاجة.
تخيلوا، مع اعتذاري، لو أننا نلبس ـ الجزمة ـ للقدمين ونضع العقال على الرأس، ثم تخيلوا أكثر كيف ستكون ـ أشكالنا ـ ونحن نمشي إلى الأمام. أكثر من هذا تخيلوا لو أن الإنسان يمشي على قدمين والثور على أربع، مع اعتذاري للثور على هذه المقاربة.
تخيلوا، مثلاً لو أن هذا الغرب المتخلف هو من يصنع الدواء والطائرة ويصنع حتى ـ السراويل ـ التي نستر بها عوراتنا، وماذا سيفعل هذا الغرب بنا في خضم هذا الصدام الحضاري. أظن أنه سيمنع عن أمة العرب حبوب البنادول وسيحرمنا من ركوب الطائرة. تخيلوا لو أن هذا الغرب المتخلف قاطع منتجاتنا الصناعية لسبب صدامي وكم هم الملايين في المدن العربية الذين سيفقدون وظائفهم بسبب هذه المقاطعة. تخيلوا لو أن غداً هو يوم الجمعة وأن بعده هو السبت. تخيل أكثر لو أن الأمس كان الأربعاء وأن اليوم هو الخميس وماذا ستفعل بهذه اللخبطة التاريخية المفاجئة. تخيلوا لو أن لكل مدينة بلدية ولكل بلدية ـ أميناً ـ ولكل أمانة مجلسها البلدي الذي ينظم شوارعها وحاجياتها البلدية المختلفة وماذا ستكون عليه مدننا لو أننا بالفعل طبقنا هذا الخيال العبقري؟ تخيلوا لو أن للفقراء مكتب ضمان اجتماعي ولو أن للفساد هيئة ولحماية المستهلك وكالة وزارة. تخيلوا أخيراً لو أننا ننام بالليل ونصحو بالنهار ثم تخيلوا لو أنكم قرأتم هذه الخيالات مرة جديدة ثانية: تخيلوا لو أنكم فهمتم ماذا أقصد.