ليس أجمل من السفر سوى الحديث عنه.. وكلنا نحفظ قصيدة الإمام الشافعي الشهيرة: "تغرَّبْ عن الأوطان في طلب العلا.. وسافر ففي الأسفار خمس فوائد".. ونحفظ هذه الفوائد الخمس.. لكن السفر لم يعد كما كان يعتقده الإمام الشافعي رحمه الله!
على أي حال عدد المسافرين في ازدياد.. أدمن الناس السفر.. أصبح السفر نوعا من أنواع الإدمان.. الكل يريد السفر.. السفر ولا شيء آخر، وكما يقول الزميل العزيز تركي الدخيل في مقال مماثل "رأيتُ أن من النادر أن تجد عائلة سعودية تسافرُ دون أن تحمل وراءها، أو حتى أمامها، عشرات الأرتال من الحقائب والعفش"!
على أي حال المشكلة ـ من وجهة نظري ـ لم تعد في سفر الراشدين ولا العائلات.. المشكلة هي الظاهرة التي بدأت ألمسها خلال السنتين الأخيرتين.. وهي سفر صغار السن!
تجدهم جماعات وفرادى في الصالات الدولية لمطاراتنا.. إلى أين يذهبون وعن أي شيء يبحثون.. لا أحد يعلم.. ولا أحد يستقصي.. ولا أحد يريد أن يفعل شيئا.. لا دراسات.. ولا تقارير منشورة!
سفر المراهقين وصغار السن إلى الخارج، أمر يحمل ويحتمل مخاطر و"بلاوي" كبيرة.. ولا يوجد أخطر من استهداف وتدمير الأمم والمجتمعات من خلال تدمير عقول وصحة أجيالها الناشئة.. بدأنا بقصيدة "الشافعي" الشهيرة، ونختم بهذه القصيدة الطريفة التي تعارضها:
تخلف عن الأسفار إن كنت طالبا
نجاة، ففي الأسفار سبع عوائق
تنكر إخوان، وفقد أحبة
وتشتيت أموال، وخيفة سارقٍ
وكثرة إيحاشٍ، وقلة مؤنسٍ
وأعظمها يا صاح سكنى الفنادق!
فإن قيل في الأسفار كسب معيشة
وعلم، وآداب، وصحبة فائق
فقل ذاك دهر تقادم عهده
وأعقبه دهر كثير العوائق
وهذا مقالي والسلام مؤبد
وجرب ففي التجريب علم الحقائق!