ربما فوجئ البعض بما ورد في البيان الصادر عن اللقاء التشاوري لقادة مجلس التعاون يوم الثلاثاء (10 مايو 2011) حول الترحيب بمقترح انضمام الأردن والمغرب إلى المجلس، وتكليف وزراء الخارجية بالاجتماع مع نظرائهم في البلدين لدراسة الآليات المناسبة لذلك.

ولكن الحقيقة أنه في أي تجمع إقليمي تُطرح باستمرار فكرة توسيع العضوية، أو وضع آليات أخرى مرحلية، لتعزيز العلاقات وتحقيق الشراكات مع الدول والتجمعات الأخرى، ولكن التحدي الأكبر هو في وضع الأطر والآليات المناسبة لذلك بما يعظم من مكاسب الجانبين ويقلل من تكاليف أي قرار يتخذ حول ذلك. ولمجلس التعاون، كمجموعة، علاقات مميزة مع معظم القوى الفاعلة في العالم، من خلال اتفاقيات وأطر متعددة تم توقيعها خلال عمر المجلس، تهدف إلى تحقيق تلك المصالح المشتركة.

وقد أشار بيان مجلس التعاون إلى منطلقات هذه الفكرة، ولخصها في النقاط التالية:

- وشائج القربى والمصير المشترك ووحدة الهدف.

- الرغبة في توطيد الروابط والعلاقات الوثيقة القائمة بين الشعوب.

- ما يربط بين هذه الدول من علاقات خاصة وسمات مشتركة وأنظمة متشابهة أساسها العقيدة الإسلامية.

- أن التنسيق والتعاون والتكامل فيما بينها لا يخدم شعوبها فحسب، بل يخدم الأهداف السامية والأمة العربية جمعاء.

- توجيه الجهود إلى ما فيه دعم وخدمة القضايا العربية والإسلامية.

وعلى سبيل المقارنة، بدأ الاتحاد الأوروبي بست دول، وتوسع على مدى العقود السبعة الماضية ليضم (27) دولة اليوم، وبالإضافة إلى الدول الأعضاء فيه، يرتبط الاتحاد الأوروبي بعلاقات مع معظم دول العالم والتجمعات الاقتصادية والسياسية، وقد صمم لها، مثل مجلس التعاون، أطراً مختلفة تتناسب مع المصالح المشتركة التي يرغب في تحقيقها مع كل من تلك الدول والمجموعات.

وقد بدأ الاتحاد الأوروبي بداية متواضعة كمنظومة اقتصادية محدودة في عام 1952، بست دول (ألمانيا، إيطاليا، فرنسا، بلجيكا، هولندا، لوكسمبورج)، وظل كذلك نحو 20 عاماً، وكان أول توسع له في عام 1973 حين انضمت إليه بريطانيا وإيرلندا والدنمارك. واستمر التوسع إلى عام 2007، حين انضمت بلغاريا ورومانيا ليبلغ عدد أعضائه اليوم (27) دولة كما أسلفتُ.

وتأخذ عملية الانضمام في الاتحاد الأوروبي وقتاً طويلاً وإجراءات معقدة، وأحياناً لا تتحقق على الإطلاق، إما لعدم استيفاء المعايير التي وضعها الاتحاد، أو لأن حساب الأرباح والتكاليف لم يتوافق بين الجانبين المتفاوضين. ففي حالة بريطانيا وإيرلندا والدنمارك، قدمت هذه الدول أول طلب لها للعضوية في عام 1961 ولم تأت الموافقة النهائية إلا في عام 1973، وبالمثل استغرقت عملية انضمام بلغاريا ورومانيا 12 عاماً. أما تركيا فقد قدمت طلبها في عام 1987، أي منذ 24 عاماً، ولكنه لم يقبل بعد (وإن لم يُرفض رسمياً). وفي بعض الحالات، يأتي التأجيل أو رفض الانضمام من مواطني الدولة التي قدمت طلب العضوية، مثلما حدث في النرويج وسويسرا.

وقد سبق أن قدمت المغرب طلباً للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في عام 1987 لكنه قوبل بالرفض من قبل الأوروبيين، وعلى الرغم من ذلك يتمتع المغرب بعلاقات وثيقة مع الاتحاد الأوروبي من خلال "اتفاقية الشراكة" و"اتفاقية التجارة الحرة" بينهما، وغيرهما من الآليات التي يستخدمها الاتحاد الأوروبي لتنظيم علاقاته مع الدول الأخرى. وللأردن علاقة قوية مع الاتحاد الأوروبي أيضاً، واتفاقية شراكة واتفاقية تجارة حرة، ولكنه لم يسبق له طلب العضوية في الاتحاد الأوروبي.

ونظراً إلى أن العضوية الكاملة تأخذ وقتاً طويلاً، وربما لا تتحقق على الإطلاق، فإن لدى الاتحاد الأوروبي خطوات مرحلية كثيرة يتخذها لتهيئة الدولة المرشحة للعضوية الكاملة يوماً ما، أو للاستفادة من الإمكانيات المتاحة في ظل غياب العضوية. ولذلك يرتبط الاتحاد الأوروبي بعلاقات مع معظم دول العالم والتجمعات الاقتصادية والسياسية، وقد صمم لها أطراً مختلفة تتناسب مع المصالح المشتركة التي يرغب في تحقيقها مع كل من تلك الدول والمجموعات.

وقد وضع الاتحاد الأوروبي عدداً من المعايير والشروط للانضمام، تم تعديلها على مدى عمر الاتحاد، ولكن ما يجمع بينها جميعاً هو تحديد المصالح المشتركة بين الاتحاد والدول الراغبة في الانضمام، ثم وضع الآليات المناسبة لتحقيقها، وبالمثل يتعين تحديد الآثار السلبية أو التحديات التي يمكن أن تنجم عن الانضمام، ثم وضع الآليات المناسبة لمعالجتها والتغلب عليها.

وفي رأيي الشخصي، فإن هذه العملية التقييمية هي لب الموضوع وجوهره، لأن الهدف من الانضمام، أو أي نوع من الشراكة، هو تحقيق مصالح الجانبين، سواء كانت سياسية أو اقتصادية. ولكن تحديد المنافع المتوقعة والتعرف على التحديات والتكاليف الكامنة في أي اتفاق، سواء كان لتحقيق الانضمام الكامل أو لأي درجة من الشراكة بين طرفين، يتطلب الكثير من الجهد والمعلومات التفصيلية، والكثير من التفاوض والتفاهم بين الجانبين. وبعد تحديد المنافع والتكاليف، يمكن وضع الترتيب الأمثل للشراكة بين الجانبين، وتحديد الإطار المناسب لها، موضوعياً وزمنياً.