قتل 59 شخصا على الأقل من المتطوعين والجنود العراقيين وجرح أكثر من 100 آخرين عندما فجر انتحاري نفسه أمس في بغداد وسط حشد أمام مركز تجنيد للجيش العراقي الذي يفترض أن يتولى المهام الأمنية بعد رحيل القوات الأمريكية من العراق خلال 16 شهرا. ووقع الهجوم الذي يعد الأعنف هذا العام مع تفاقم الأزمة السياسية في البلاد وغداة إعلان أكبر كتلتين سياسيتين تعليق محادثاتهما بشأن تشكيل الحكومة المقبلة التي لم تبصر النور بعد مرور خمسة أشهر على الانتخابات التشريعية.

وأكد مصدر في وزارة الداخلية أن بين الضحايا عدد من الجنود الذين يؤمنون حماية للمتطوعين. وذكر مصدر طبي في مستشفى مدينة الطب أن "معظم الجرحى وجميعهم من الشباب اليافعين يعانون من كسور وإصابات في الرأس تم تحويلهم إلى مستشفى الجملة العصبية". وأضاف أن "عددا آخر من المصابين يعانون حروقا، وإصابات بشظايا حديدية صغيرة من حشوة الحزام الناسف".

وقال أحد المتطوعين إن "الانفجار وقع وسط حشد كبير من المتطوعين الذين تجمعوا في ساحة الميدان القريبة من مركز التطوع في منطقة باب المعظم". وأفاد أحمد كاظم (19 عاما) أن "المنطقة خاضعة لإجراءات أمنية واسعة"، مؤكدا "أن أي شخص يريد الوصول إلى هناك يخضع لعمليتي تفتيش يدويا وبأجهزة للسونار"، معربا عن دهشته لوصول الانتحاري إلى التجمع. وقال أحد الجنود طالبا عدم الكشف عن اسمه إن "ترك آلاف المتطوعين هدفا سهلا للإرهاب هو خطأ الضباط المسؤولين الذين خططوا لاستقبالهم في ساحة غير مسيطر عليها أمنيا ويمكن اختراقها بسهولة".

وعلى الصعيد السياسي شنت القائمة العراقية هجوما على ائتلاف دولة القانون وحزب الدعوة الإسلامية وزعيمه نوري المالكي واتهمته بأنه السبب الرئيس في عرقلة وتعثر مسار مفاوضات تشكيل الحكومة. ومع إعلان تعليق مفاوضاتها مع دولة القانون رفضت القائمة العراقية مقترحات أمريكية لتقاسم السلطة مع ائتلاف المالكي. وقالت عضو مجلس النواب عن العراقية فائزة العبيدي لـ"الوطن" إن المقترحات تضمنت في جانب منها "تقاسم منصب رئيس الوزراء بين شخصيتين لمدة عامين، وتوزيع صلاحيات رئيس الحكومة، ومثل هذه المقترحات غير قادرة على بناء العراق". واستبعد عضو القائمة شاكر كتاب إمكانية التاثير الأمريكي في تغيير موقف قائمته.

وفي المقابل أكد نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي أن العراق يحتاج إلى إصلاح جذري في نهج إدارة الدولة في ضوء تجربة السنوات الأربع الماضية. وقال الهاشمي في تصريحات أمس "نحن غير مستعدين لإضاعة فرصة باتت مواتية للإصلاح والتغيير ولن نقبل بترتيبات شكلية أو الارتهان إلى وعود أو تعهدات قد يتنصل منها قاطعوها قبل أن يجف الحبر الذي كتبت به". وذكر أن "العراق يعيش أزمة سياسية ودستورية حقيقية ونوعية وهي نتاج تداعيات عملية سياسية تعاني من اختلالات بنيوية ودستور غير ناجز وتدخل خارجي واضح".