واصل عدليون وقضاة تأييدهم للأمر الملكي بقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء ومن يؤذن لهم، مشيرين إلى عدد من النتائج الإيجابية التي ستنعكس على المجتمع السعودي بعد تنفيذ ما تضمنه توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.

ووصف مستشار وزير العدل المتحدث الرسمي وكيل الوزارة المساعد للتسجيل العيني للعقار المكلف القاضي الدكتور عبدالله بن حمد السعدان الأمر الملكي بـ "القرار الحكيم"، فقد تضمن في طياته مبادئ سامية تحافظ على أمن المجتمع في كثير من مجالاته فهو وثيقة تاريخية شكلت منعطفاً تاريخياً وصفحة مشرقة من صفحات كثيرة سطر في طياتها خادم الحرمين الشريفين مفاخر ومواقف في حماية الشريعة والذود عن مصالح البلاد والعباد بمداد سقي من ينبوع نصوص الشريعة الإسلامية وهدي خير البرية فقد أطلق هذا القرار حرية التعبير في الشأن العام من تحكم بعض الأفراد إلى فضاء مؤسسي مستقر يبتعد عن لغط القيل والقال ونقاش المتجرد من التخصص ومن قيود الآراء الشاذة والأقوال المرجوحة والمهجورة وأوجد ضمانة جديدة لحرية التعبير من الانجراف في متاهات التعبير المؤدي إلى التدمير وتخلُص أهدافها إلى تحقيق الأمن الفكري والأمن الاجتماعي والأمن الثقافي والأمن النظامي والتنظيمي وحفظ الأنفس والأموال والأعراض والعقول.

قراءة للأمر الملكي

وبقراءة سريعة لنص الأمر الكريم نجد أنه اقتصر على الفتوى العامة أو الإفتاء عبر وسائل الإعلام أو المنابر أو أي وسيلة أخرى قد تُعرض المصلحة المحمية للخطر، لهذا فرق الأمر الكريم بين سعة الشريعة الإسلامية وفوضى القيل والقال وبين اختلاف العلماء ومنازعة غيرهم لهم كما فرق بين مسائل الدين التي بين المرء وربه في عبادته ومعاملته وبين الشأن العام الذي لا يسعه الخوض فيه. حيث أكد الأمر الكريم على مضامين عظيمة ذات أبعاد شرعية ونظامية وتنظيمية منها: ترسيخ مبدأ العمل المؤسسي في الدولة وتأكيد احترام المؤسسة الشرعية وعدم الاعتداء أو المساس باختصاصها أو التشكيك فيها وفي أنظمتها ولوائحها ومنع أي وسيلة تؤدي إلى النيل من العلم الشرعي أومن مكانة العلماء وطلاب العلم، تطبق النص الشرعي الموجب سؤال أهل الذكر واهتمام ولاة الأمر بالفتوى والاحتساب والدعوة إلى الله واستجاب لمطلب ملح من مطالب الشعب السعودي في تحقيق الاستقرار في الفتوى وقطع أسباب الخلاف المؤدي إلى تفريق الكلمة إضافة إلى أنه أرسى قاعدة شرعية ونظامية مكتوبة للفتوى بينت حدود المسؤولية والجزاء وأسند تقرير المسؤولية وإيقاع الجزاء إلى قاضي الموضوع، وتضمين زيادة عدد من يتولى الإفتاء وإقرار القاعدة العامة بأن الإفتاء في الأمور العامة وعبر وسائل الإعلام من اختصاص جهات الفتوى بينما الفتوى الخاصة التي بين المفتي والمستفتي استثناها لأن أمرها يقتصر عليهما وهذا يبين الموضوعية التي اتسم بها الأمر الكريم. وبين السعدان أن الفتوى ليست ببعيدة فيما يتعلق بالاستقرار في الشأن العام من العمل القضائي فالقضاء يحمد لمؤسسته ضمان استقرار المبادئ القضائية ورعايتها وتأصيلها والرقي بها والقرار الحكيم أسس لإيجاد بيئة خصبة للفتوى والتحدث في الشأن العام وهذا سيؤدي إلى نمو علمي ومعرفي يرتكز على استقرار فقهي رصين تقوده مؤسسة ذات ائتمان ورصيد علمي وشعبي ورسمي يسهل معه تدوينها وتعاهدها بالتطوير.

تنظيم الفتوى

كما ثمن وكيل وزارة العدل لشؤون التوثيق الشيخ طارق العمر الأمر الملكي، مضيفا أن التوجيه الملكي بتوحيد الفتوى وقصرها على العلماء الموثوق بعلمهم وأمانتهم لهو دليل على غيرته على دين الله من عبث العابثين وتأويل الجاهلين, وهو كما أشار الأمر الملكي وهو أعز ما نملك.

وأكد مدير عام مكتب وزير العدل عبدالعزيز بن محمد المفلح "أن التوجيه حكيم سيسهم في الحد من الفتاوى الشاذة في الشأن العام، والتي نالت من هيبة كبار العلماء والمؤسسات الشرعية التي تشرف عليها الدولة معتبراً أن قصر الفتوى على هيئة كبار العلماء يعتبر من التنظيم ومن السياسة الشرعية الموكولة لولي الأمر".

الكفاءة والأهلية

وأشاد رئيس محاكم منطقة القصيم الشيخ منصور بن مسفر الجوفان بالأمر الملكي الكريم، وطلب الرفع عمن تتوفر لدية الكفاءة والأهلية التامة للاضطلاع بمهام الفتوى للإذن لهم بذلك، فيما أوضح رئيس المحكمة العامة بالمدينة المنورة فهد بن إبراهيم المحيميد أن "صدور الأمر الملكي جاء ليؤكد حرص ولي الأمر على أداء واجبه الشرعي والوطني, وليبين أن ما يتعلق بالدين والوطن والأمن وسمعة علمائنا ومؤسساتنا العلمية فوق أي اعتبار, مع بيان لخطورة التجاوز في الفتوى ممن لا يساعده علمه، فضلا عمن لا يملك العلم في ذلك. إلى ذلك نوه إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس بالأمر الملكي الكريم الموجه من خادم الحرمين الشريفين إلى سماحة مفتي العام بالمملكة، والمتضمن قصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء والرفع لمن فيه الكفاية والأهلية التامة للاضطلاع بمهام الفتوى، مبيناً أن الأمر قفل الطريق أمام المتعالمين المتقحّمين مجالات الفتوى وحلائبها دون بصيرة، كما جسّد مكانة العلماء، والحرص على ألا يؤخذ الدين إلا من أهله، ووضع حدًا للآثار السلبية من جراء شذوذات المسائل وغرائب الفتاوى، وأغلق الباب على من يريد التطاول على أهل العلم، وحمى حدود الفتوى، وحفظ الشرع المطهر وأشار الدكتور السديس إلى أن النفوس قد ابتهجت ، والصدور قد انشرحت، لهذا التوجيه الكريم الذي جاء ليحسم أمر الفتوى وينتصر لها مؤكدا أن للفتوى في شريعتنا الغراء، مكانة سامقة، ومنزلة عَلِيَّة، بها تستبين معالم الدين، وتنجلي مبهمات الأحكام عن المستفتين، ويتلقى المسلمون تكليف رب العالمين. بالفتوى تُحْمَى الملة من التحريف والتغيير، وتُصَانُ مواردها الصافية عن التكدير، وتُبرَزُ رحمات الإسلام وإشراقاته، في تواؤمه مع الفطرة البشرية، والمآلات الشرعية المقاصدية، وتلاؤمه مع واقعات العصر والزمان، في كل صقع ومكان.