ما جرى في مصر من اشتباكات بين المسلمين والأقباط، وما جرى في تونس مؤخرا من قمع للمتظاهرين الذين يطالبون برحيل الحكومة المؤقتة، لا يمكن تصنيفه إلا ضمن ارتدادات الثورة التي أسقطت النظامين السابقين في كلتا الدولتين.

إذ يجب ألا يغيب عن البال قدرة هذين النظامين على تحريك الشارع الموتور أصلا، عبر أشكال مختلفة، وتحت مسميات عديدة. فإذا كان يحق لثوار تونس أن يطالبوا بإخراج بقايا زين العابدين بن علي من حكومة يفترض أن تحمي الثوار وتحقق الحد الأدنى من المطالب التي رفعت في 18 ديسمبر من العام الماضي، فإن ما يجري في مصر يمكن وضعه في إطار الثورة المضادة التي تتخذ من الصراع الدفين بين المسلمين والأقباط غطاء، والمدعوم من قبل بعض الجهات الخارجية لتفريغ ثورة 25 يناير من مضمونها الشعبي.

في كل بلد من بلداننا العربية خاصرة رخوة، عملت على تغذيتها قوى أجنبية، لكي نبقى في صراع داخلي، ولكي ننسى العدو الأساسي والمتمثل في إسرائيل، وعدوانها المستمر على شعوبنا العربية.

فتفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية وما راج حولها من تهم لوزير الداخلية السابق حبيب العادلي، والهجمات التي شهدتها بعض مدن وقرى الصعيد على الكنائس والرد عليها من قبل الأقباط، كانت حلقة في سلسلة مرسومة في مراكز خارج مصر، يقوم بتنفيذها بعض الجهلة من كلتا الطائفتين المفترض أن تكون ساحات ميدان التحرير قد زرعت في نفوسهم المواطنية الحقة.