حث إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف، القاضي بالمحكمة الشرعية الكبرى بالمدينة الدكتور الشيخ صلاح بن محمد البدير جموع المسلمين على انتهاز فرصة قدوم شهر رمضان المبارك والتزود من خيري الطاعات والعبادات، قربة لمرضاة الله، فوزا بالجنان ونجاة من النيران.

وقال: "أتاكم شهر المرابحة بظلاله وجماله، شهر القبول والسعود والعتق والجود، شهر لا تعد نفحاته، ولا تحصى خيراته، ولا تستقصى ثمراته، فشدوا من عزمكم، وأروا الله خيرا من أنفسكم، بالجد فاز من فاز، وبالعزم جاز من جاز، ومن دام كسله، خاب أمله، وتحقق فشله". وأضاف: "أن نسيم القبول قد هب علينا، وسيل الخير قد فتح بابه لمن أحب، وإن الشيطان قد تبّ قراره، فيا من ألف الذنوب وأجرما، يا من غدا على زلاته متندما، ثُب إلى الله فمنه الجود والمرحمة، ونيله للتائب فضلا وتكرما، فطوبى لمن غسل في رمضان درن الذنوب بتوبة، ورجع على خطاياه قبل فوات الأوبة". وأردف البدير قائلا: شهر رمضان شهر التلاوة والقرآن، وعلينا أن نقبل عليه واستخراج واستحلاب درره، فهو الروح إلى حياة الأبد، ولولا تلك الروح لمات الجسد، فإن السعيد، من صرف همته إليه، ووقف فكره وعزمه عليه، "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبيناتٍ من الهدى والفرقان". وحث جميع المسلمين على بذل المزيد من الإنفاق والإشفاق، على الأكباد الجائعة، من أهل الخصاصة والخماصة، وممن أصابتهم البوائق الفالقة، مشددا في الوقت نفسه على ابتعاد العبد عن جوانب التقصير في هذا الشهر القصير، ووجوب القيام بأعمال الشعائر التعبدية، وواجباته الشرعية، والالتزام بسنة المصطفى الأمين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، من حيث التعجل في الإفطار، وأكلة السحر، لقوله صلى الله عليه وسلم "فصلُ ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر" "تسحروا ولو بجرعة ماء".

واستطرد الحديث، عن عدد من الأحكام التي تدخل في باب الصوم، فمن كان قد أكل أو شرب ناسيا، فعليه أن يتم صومه، ولا شيء عليه، وإن ذلك من إطعام وسقاء الرب سبحانه وتعالى، ولا يترتب عليه حكم كفارة أو قضاء يوم، ومن ذرعه القيء وهو صائم، فحكمه بأن ليس عليه قضاء، وهو عكس الحكم الذي يكون قد استقاء بالعمد، فعليه القضاء، كما أنه يفطر من استمنى، وليس الذي يكون قد احتلم.

واختتم بإيضاح أجر الثواب والمثوبة للمسلم، من جزاء عطاء رب العالمين، لمن صام وقام رمضان إيمانا واحتسابا، بأن يغفر له ما تقدم من ذنبه، وكذلك الأجر العظيم في الصلاة مع الإمام حتى ينصرف، وهو الأجر الذي يثاب عليه المرء، بأن يكتب له أجر قيام تلك الليلة، فضلا عن أجر إفطار الصائم، والذي يكتبه الله فيه، أجر المحسن في إفطار غيره، مثل أجره لا ينقص من أجره شيء، سائلا المولى في علاه أن يعين الجميع على الصيام والقيام، والتزود بصالح الأعمال.