لا صوت يعلو في "الرياض" اليوم فوق صوت إغلاق أمانة المدينة هناك للعديد من مطاعمها التي تستأثر بالنصيب الأكبر من بين كل الأنشطة التجارية المتاحة.. ففي الوقت الذي وصل فيه عدد المطاعم التي أغلقتها أمانة الرياض لأكثر من 500 مطعم في فترة وجيزة؛ عُلق على أبوابها صباحا ملصقُ يحوي العبارات التالية "مغلق ـ مخالف لاشتراطات صحة البيئة".. ورغم تحول هذه العبارات ليلا وسط ظروف مختلفة للعبارات التالية "مغلق للتحسينات ـ مغلق لتغيير الديكور ـ مغلق للصيانة".. إلا أن حيلة أصحاب المطاعم تلك صارت محل تندر للعابرين من هناك!
ولا يبدو أن جملة الإغلاق المتواصلة الأخيرة قد فاجأت سكان العاصمة الذين سيكون أحدهم على استعداد لسرد مجموعة مطولة من قصصه التراجيدية مع هذه المطاعم، والتي ينتهي فصلها الأخير دائما إما على السرير الأبيض لإجراء عملية غسيل للمعدة، أو الإصابة بالغثيان والتلبكات المعوية في أفضل الأحوال!
أما ما سيعزز مصداقية القصص السابقة فهو الصور المنقولة من داخل تلك المطاعم أثناء الجولة التفتيشية المنتهية بالإغلاق غالبا، والتي ستكون إحداها كافية جدا للدلالة على فداحة الظلم الذي مارسناه على بطوننا لعقود! من تلك المشاهد سنجد جوابا لتساؤلاتنا القديمة حول ازدحام أقسام الطوارئ في غالب المستشفيات. ومن تلك الصور سترى زيوتا لا تصلح لاستخدامها في "مكائن" الآلات القديمة، فما بالك باستخدامها لقلي الأطعمة؟! من تلك المناظر قد تصاب بعد طول تدقيق بـ"تسمم" بأثر رجعي!
"تراجع مستوى النظافة ـ الاستعانة بلحوم غير معروفة المصدر ـ وجود كميات من الأطعمة غير صالحة للاستهلاك الآدمي ـ تحضير وتجهيز الطعام دون ارتداء قفازات".. وما سبق يمثل بعض المخالفات التي رصدتها الحملة الرقابية المكثفة التي تقوم بها أمانة الرياض، والتي مثلت بجدارة عبارة "أن تصل أخيرا خير من ألا تصل"!
أسبوعان من بداية الحملة تقريبا شهدت فيهما العاصمة سقوطا مدويا لمطاعم شهيرة كانت لفترة طويلة خيارا أول للمستهلكين، فيما تغيرت بوصلة الخيارات لتلك التي تماسكت حتى الآن.. أما أكبر الرابحين فهي أقسام الطوارئ التي كانت ترتبط بخطوط ساخنة مع مخرجات تلك المطاعم!