تجمع الصورة جوار مقالي بالأمس بضعة من الكرام من أصحاب المعالي الوزراء في زيارة قصيرة لمبنى هذه الصحيفة في أبها على هامش تواجدهم ضيوفاً لجائزة أبها. وفي العادة تتكرم صحيفتي الأغلى بدعوتي حينما تستضيف ضيوفاً من العيار المتوسط بصفتي الكاتب اليومي الوحيد المقيم على مرمى حجر من مبنى الصحيفة، ولكنها تتغاضى عن دعوتي عند حضور ضيوف العيار الثقيل، ربما لأن الزملاء الأعزاء من سدنة تحرير العمل اليومي بالصحيفة يخشون خروجي عن حدود اللياقة مع الضيوف الكبار رغم ثقتي أولاً، في علاقتي الدافئة مع كل الوزراء في الصورة، ومن أدبي الجم وهدوئي المثير، على غير العادة، عندما أكون في حضرة الشخصيات العامة. وكل أسفي على الصورة الجميلة لأصحاب المعالي أنها أضاعت علي فرصة صيد – هذه الصقور– بسؤال واحد: أن أعرض نفسي وجسدي على أصحاب المعالي كأمثلة على بعض عوائق التنمية. أن يشاهدوني طويلاً نحيلاً بوزن في حدود الستين كيلو جراماً أتعالج كثيراً بالسّنوت والحلبة وحبة البركة ومعها شيء من الرقية الشرعية، لأن الحصول في أبها على عيادة استشاري يحتاج اليوم لبضعة أسابيع هي كافية للبكتيريا والفيروسات أن تزهق من سجنها داخل هيكل عظمي. الفيروسات التي تتورط بدخول جسدي مثل مجرم يدخل بيديه إلى سجن – اللومان – سيكتشف أنه يتمنى الهرب من أول فرصة. أن أعرض نفسي على الإخوة في التعليم ليكتشفوا عقلي الهزيل بفعل منهج دراسي لم يتغير في المضمون منذ 35 سنة ومازال أطفالي اليوم يكررون ذات المحفوظات والأناشيد التي كان والدهم يرددها قبل ثلاثة عقود. أن يشاهد صاحب المعالي تلك الفقرة المتحركة في عظامي بفضل حفر الشوارع التي أصبحت لجسدي مساجاً يومياً، وللمفارقة صارت عظامي تشعر بشيء غريب إن لم تأخذ تمارينها السويدية اليومية في شوارع هذه المدينة. وباختصار، كنت سأصمت، بلا سؤال، منعاً للإحراج أو الخروج عن اللياقة، ويكفي أصحاب المعالي أن ينظروا إلى جسدي وملامحي وعقلي كي يشاهدوا مثالاً حياً على المصطلح القديم: عدالة التنمية.