حتى يستمع ويصغي لك المجتمع لا بد أن تخاطبه بلغته وأساليبه التي تقنعه. أمام العالم العربي زمن طويل ومهام شاقة لردم الفجوة التي حدثت بينه وبين الغرب بعد أحداث سبتمبر، الفجوة والجفوة كبيرة. مجهودات من قبل العرب وكذلك الغرب لمعالجة المشكلة، منها تجارب لم يكتب لها النجاح وأخرى حققت بعض النتائج. أمريكا في الجانب الآخر حاولت ان تقترب أكثر للعالم العربي وصرفت عشرات الملايين من الدولارات لتحسين صورتها في الخارج ولكن الجرح كان عميقا.
خلال رحلتنا لأمريكا لم نلحظ مع من قابلناهم أو تحدثنا معهم أي اهتمام بالسياسة، أحاديثهم تنحصر في أمور حياتهم المعيشية واقتصادهم، القنوات الفضائية والصحف المحلية اهتماماتها كذلك منصبة على شؤون حياتهم الداخلية ! كنا في حديث جانبي مع سمو الأمير تركي الفيصل عن أن الصورة ليست هي التي تتناقلها وسائل الإعلام، فأجاب وهو الخبير بأن المشكلة تنحصر فقط في واشنطن.
وصلنا يوم الثلاثاء الماضي إلى ولاية كنتاكي في أمريكا. في اليوم الثاني حضرنا فيلما صرف عليه مال وجهد كبير. ثلاث سنوات من الإعداد، عنوان الفيلم "العربية". عرض في لندن بحضور أمين الجامعة العربية، والمحطة الأخرى هي عرضه في معظم ولايات أمريكا. كانت ولاية كنتاكي محطته الأولى، يعرض الفيلم على شاشة ضخمة جدا وبتقنيات عالية. كاتب نص الفيلم بريطاني من أشهر الكتاب والمؤلفين، والمخرج أمريكي. عمل جيد ومهني، فالصورة الحقيقية للسعودية كانت حاضرة في الفيلم. كانت صالة العرض مملوءة بالمواطنين الأمريكيين. الأفلام والسينما في الغرب من أفضل وأنجح اللغات التي تخاطب بها تلك المجتمعات. المشرفين على الفيلم وفقوا في اختيار الوسيلة. فالرسالة التي ترغب أن توصلها لهم من خلال الفيلم ستعجز الطرق الأخرى عن إيصالها.
بعد انتهاء الفيلم تحدث كاتب النص والمخرج عن تجارب العمل بدءًا من الفكرة مرورًا بالإنتاج وانتهاءً بتقديمه للمشاهد، بعدها أعطيت الفرصة للجمهور للتحدث مباشرة مع الكاتب والمخرج. المخرج أمضى سبعة أشهر في المملكة وتنقل في مدنها. سئل عن أهم شيء لاحظه في المجتمع السعودي؟ فكانت إجابته مباشرة وصريحة إنها "الأسرة السعودية". الترابط والتلاحم بين أفراد العائلة السعودية الذي كان مثار انتباهه وقناعته بأن هذه الصفة يجب أن تستمر وتلازم المجتمع السعودي. شرح للمشاهدين في القاعة مشاهداته عن كيف تعيش الأسرة السعودية. يتحدث عن هذه الصفة في مجتمع أمريكي يعاني من التفكك الأسري، بدءا من تمرد الأبناء وقضايا الزواج ورعاية الوالدين.
الفيلم بمهنيته في الكتابة والإخراج سينجح في إيصال رسالة للمجتمع الأمريكي عن السعودية. والأكثر منه تأثيراً شباب وشابات سعوديين لديهم الطموح والحب لبلدهم تقابلنا وتحدثنا معهم من مبتعثي برنامج خادم الحرمين تقرأ في وجوههم حب العمل والتفاؤل والأمل لتمثيل بلدهم وهم ينتشرون في كل مدينة وجامعة.