أنا عانس، نعم، أنا عانس، والحل؟

ما الذي جعلها تقول هذه الجملة المؤلمة بالنسبة لامرأة تجاوز عمرها الأربعين؟

كانت تشرح في رسالتها الوضع الصعب الذي تعيشه مع أب موظف وحاله مستور إلا أنه بخيل، ولأنها امرأة، فلها احتياجات كثيرة تستحي أن تكتبها لوالدها في ورقة طلبات البيت، فتطلب منه مصروفا شهريا يرى هو أنها ليست بحاجته إلا من باب (البعزقة)، تقول إنهم في الضمان الاجتماعي رفعوا سن العنوسة ليس حفاظا على مشاعر الفتيات بل للتنصل من مسؤولياتهن بعد زيادة أعدادهن، ولكنني وصلت إلى السن القانونية للعنوسة بعد رفعها، فأشارت عليها إحدى صديقاتها باللجوء إلى الضمان لاجتماعي، فخرجت خلسة معها وذهبت إليهم لكن للأسف ورغم بلوغها سنا قانونية، إلا أن الموظف قال لها إن والدك ميسور الحال وموظف، لذلك فلا ضمان لك، حاولت إقناعه أن الضمان في الأصل يجب أن يمنحني استقلالا عن أبي إلا أنه لم يقتنع، فعادت أدراجها تحمل الألم والحاجة والعنوسة، فقط نسيت إخباركم أن هذه الفتاة جامعية تخصص اجتماعيات ومنذ سنوات بعيدة تبحث عن وظيفة بلا جدوى.

أما خريج الدبلوم الصحي العالي، الذي كتب بلغة هادئة وادعة إلى حد الانكسار، فقد تأرجح بين أياد كثيرة على أمل أن يجد لديها وظيفة ما، بعد أن تضاءلت أحلامه التي كانت كبيرة جدا وقت التخرج، حتى أصبحت بحجم كاشير.

فلا وزارة الصحة ولا ديوان الخدمة المدنية ولا التشغيل الذاتي، معنيون في الحقيقة بهذه الأعداد المتزايدة من خريجي الدبلومات الصحية العاطلين عن العمل، فحتى لا تتقاذفهم جهات كثيرة كل يدعي عدم مسؤوليته عن توظيفهم، أما الشرط التعجيزي الأكثر إضحاكا فهو مطالبة بعض الجهات التوظيفية لطالب الدبلوم الصحي ذي الأربعة والعشرين ربيعا بشهادة خبرة خمس سنوات، وحتى بعد الأوامر الملكية الأبوية فإن إعانة العاطلين تبدأ من شهر محرم، حيث تساءل هذا الشاب، إلى أن يأتي محرم كيف أصرف على نفسي؟ أريد حلا عاجلا.

كان الأجدر بوزارة الصحة وقبل أن تقذف بهم في جحيم البطالة التي مازالت وزارة الخدمة تضرب أخماسا في أسداس في مواجهتها، كان الأجدر بها إقامة دورات وبرامج تدريبية لمدة معلومة تضم إليها هؤلاء الخريجين بمكافآت تشجيعية حتى إيجاد مخرج مناسب لهم، فقط نسيت إخباركم أن هذا الطالب لديه مهارة في ألعاب (خفة اليد).