تسعى خطة التنمية التاسعة التي وافق عليها مجلس الوزراء في اجتماعه أمس برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إلى رفع مستوى معيشة الفرد وخفض البطالة وتطوير الكفاءات والقدرات البشرية للشباب وزيادة نمو القطاع الخاص وتوفير المزيد من المساكن للمواطنين من خلال إنفاق 1.4 تريليون ريال على هذه الأهداف.
إلا أن الخطة تواجه تحديات عديدة من أهمها توفير تمويل من القطاع الخاص للمساهمة في هذه الأهداف، كما أنه يجب أن تبقى أسعار النفط عند مستويات فوق 80 دولاراً لمساعدة القطاع الخاص على النمو بالمعدل المستهدف للخطة والذي يبلغ 6.6% سنوياً.
ووجّه خادم الحرمين جميع أجهزة الدولة بالحرص الشديد على تنفيذ برامجها ومشاريعها وتحقيق أهدافها في مددها الزمنية المحددة ، وإعطاء ذلك أولوية قصوى لما له من تأثير مباشر على رفع مستوى معيشة المواطنين وتحسين نوعية حياتهم، خاصة في ضوء ما رُصد لها من إنفاق تنموي طموح تجاوز بنسبة 67% ما رُصد من إنفاق تنموي خلال خطة التنمية الثامنة.
وتركز الخطة التي تغطي السنوات 2010 إلى 2014 على تطوير الكفاءات السعودية، إذ تم تخصيص 50.6% من إجمالي المخصصات المعتمدة لها من أجل تنمية الموارد البشرية من خلال رفع الطاقة الاستيعابية للمنظومة المدرسية بنهاية الخطة التاسعة إلى نحو 5,31 ملايين طالب وطالبة في المراحل ما قبل الجامعية، إضافة إلى زيادة الطاقة الاستيعابية للجامعات والكليات الحكومية ليصل عدد المستجدين فيها بنهاية الخطة إلى نحو 1.7 مليون طالب وطالبة.
وعلى جانب القوى العاملة ومستوى معيشة الفرد، فإن الخطة تستهدف رفع دخل الفرد السعودي من 46,2 ألف ريال في عام 2009 إلى نحو 53,2 ألف ريال بنهاية سنوات الخطة في عام 2014.
وتهدف الخطة كذلك إلى زيادة نسبة العمالة الوطنية من إجمالي العمالة من نحو 47.9% في عام 2009 إلى نحو 53.6% في عام 2014، كما تهدف إلى خفض معدل البطالة في قوة العمل الوطنية من 9.6% في 2009 إلى 5.5% بنهاية الخطة.
ويقول كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي الدكتور جون اسفاكياناكيس في تصريح خاص إلى "الوطن" إن الزيادة في الإنفاق في الخطة التاسعة جاءت متوقعة، لأن الحكومة تريد أن تواكب النمو الاقتصادي والسكاني الكبير للمملكة.
إلا أنه أضاف أن أكبر تحدٍ ستواجهه الخطة هو خفض البطالة إلى نسبة 5.5%، نظراً لأن غالبية سكان المملكة من الشباب وهم يزيدون بنسبة 2.5% سنوياً.
وقال اسفاكياناكيس الذي كان ضمن الفريق الاقتصادي الذي أعد خطة التنمية الثامنة إن الخطة التاسعة طموحة للغاية، ولكن يبقى تطبيقها تحدياً كبيراً، نظراً للأوضاع الاقتصادية العالمية والركود الكبير الذي يشهده العالم في أعقاب الأزمة المالية.
وأضاف: "يجب أن تبقى أسعار النفط فوق مستوى 80 دولارا خلال السنوات الخمس القادمة حتى ينمو الاقتصاد والقطاع الخاص بالنسب التي حددتها الخطة التاسعة."
ولا تزال هناك مخاوف من ألا يتمكن القطاع الخاص من النمو بنسبة 6.6% التي تستهدفها الخطة، نظراً لأن الإقراض لم يتعاف بالقدر الكافي لمساعدة الاقتصاد السعودي للعودة إلى مستوياته السابقة قبل الأزمة العالمية.
ولم ينمُ الاقتصاد السعودي بنسبة أعلى من 6% سوى في عام 2006.
وقال اسفاكياناكيس: "الكل يتوقع نمو الاقتصاد السعودي بنسبة 3.9% هذا العام و4.3% في العام القادم، لأن الاقتصاد العالمي لم يتعاف بشكل كامل من الأزمة المالية العالمية."
وأضاف: "بلوغ معدل أعلى من 6% ممكن ولكنه لن يحدث قبل عام 2012 وقد يحدث في آخر سنوات الخطة."
ويبقى هاجس الإسكان هو المسيطر على طموحات الشباب والمواطنين، خاصة أن أسعار العقارات وتكلفة المنازل لا تزال عند مستويات عالية عما كانت عليه في السنوات الخمس السابقة والتي شهدتها الخطة الثامنة.
وتستهدف الخطة التاسعة إنشاء مليون وحدة سكنية بواسطة القطاعين العام والخاص لمواكبة 80% من حجم الطلب المتوقع على الإسكان خلال سنوات الخطة.. موزعة على مناطق المملكة المختلفة.
كما تهدف الخطة إلى توفير نحو 266 مليون متر مربع من الأراضي لإقامة المشروعات السكنية المتوقع تنفيذها خلال مدة الخطة.
وتعليقاً على جانب الإسكان للخطة يقول مدير مؤسسة التمويل الدولية في المملكة وليد المرشد وعضو مجلس إدارة شركة سهل لتمويل المساكن في تصريحات إلى "الوطن" إن إشراك القطاع الخاص لتلبية الطلب المتنامي على الإسكان في المملكة هو أمر مهم للقطاع الخاص.
إلا أن المرشد أوضح أن توفير 200 ألف وحدة سنوياً هو تحدٍ كبير للقطاع الخاص والمطورين العقاريين الذين يعانون من نقص في التمويل إضافة إلى عوائق بيروقراطية أخرى.
وأضاف: "حتى يتمكن القطاع الخاص من الحصول على تمويل كافٍ، يجب على الدولة تطوير سوق الدين المالية حتى تتمكن شركات التمويل العقاري والتطوير من إصدار صكوك وسندات لتمويل بناء الوحدات."
وتحتاج المملكة إلى 1.3 تريليون ريال لبناء مليون وحدة سكنية خلال السنوات الخمس القادمة وهو ما يقارب إجمالي المبالغ المعتمدة لخطة التنمية التاسعة.
وأكد وزير الاقتصاد والتخطيط خالد بن محمد القصيبي في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء السعودية أمس أن خطة التنمية التاسعة ستحرص على مكافحة الفقر، والاهتمام بالمناطق التي لم تحصل على نصيبها من التطور، وفقاً لخطط تنموية مدروسة.
وأضاف القصيبي أن الخطة استهدفت في اتجاهاتها العامة زيادة النمو الاقتصادي ورفع المستوى المعيشي وتحسين نوعية الحياة للمواطنين، وتحقيق التنمية المتوازنة بين مناطق المملكة، وتنمية الموارد البشرية، وتنويع القاعدة الاقتصادية من حيث مصادر الإنتاج والدخل، ودعم القطاع الخاص.
وأشار إلى أن نتائج تنفيذ برامج ومشاريع التنمية، وتطبيق السياسات الاقتصادية الكلية، في زيادة معدلات النمو، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، خلال سنوات خطة التنمية الثامنة، قد عززت، أهداف وسياسات وبرامج ومشاريع خطة التنمية التاسعة. وتعكس الأهداف العامة للخطة وتفاصيلها القطاعية التوجيهات السامية بالإسراع في تنفيذ الاستثمارات والبرامج التنموية والمشاريع الاستراتيجية، والتكيف مع التطورات الاقتصادية العالمية.
وأوضح أن من السمات الرئيسية التي تتميز بها هذه الخطة اهتمامها بمعالجة موضوعات تلقى اهتماماً عالمياً واسعاً لكونها وثيقة الصلة بترسيخ واستدامة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، تتمثل في قضايا الثقافة وتعزيز القدرة التنافسية و تحول الاقتصاد إلى اقتصاد معرفي، وقضايا الشباب والتنمية.