قد يكون المخاض الذي أمضاه المفاوضون من فتح وحماس لتوقيع اتفاق المصالحة اليوم في القاهرة، يمثل نزهة أمام الماراثون الذي سيستغرقه تنفيذ بنوده، لما تحمله من إشكاليات يتعلق بعضها بالمبادئ وبعضها الآخر بالحزبي والتنظيمي الضيق.
فسنوات القطيعة والانشقاق بين طرفي السلطة في رام الله وغزة، أسس لدى الجانبين كثيرا من التناقض الذي لن تمحوه الصورة التذكارية للتوقيع، ولا المصافحة المنتظرة بين أبو مازن وخالد مشعل، كما لن يكون الحضور المصري الفاعل، فاعلا إلا عبر ما سيعد الأطراف بتقديمه والمباشرة الفعلية لإنهاء الانقسام من الذاكرة والواقع في الوقت نفسه.
لن نحاسب على النوايا، ولكن بعض الوقائع و"الطموحات" لا تبشر بأن الوحدة باتت قاب قوسين أو أدنى، لأن المشكلات التي كانت سببا في الانقسام ما زال بعضها ماثلا، بين القوتين الكبيرتين في المجتمع الفلسطيني، إلا إذا كان أحد الطرفين، قد تراجع عن مواقفه.
ومن العام إلى الخاص، لا تبدو الأمور تسير كما يشتهيها عرابو الاتفاق، فالرئيس الفلسطيني يتمسك بالدكتور سلام فياض رئيسا لحكومة التكنوقراط المتفق عليها، فيما حماس لا ترضى به، على اعتبار تحميله مسؤولية الفساد الذي نخر جسد السلطة في السنوات الأربع الماضية، هذا فضلا عن أسماء الوزراء الذين سيكون دورهم أساسيا في المرحلة الانتقالية التي ستؤسس لبرلمان ورئيس جديدين، مما يدعو إلى التشاؤم من مستقبل الحركة الفلسطينية الداخلية.
أتمنى أن يُفشل الجانبان تشاؤمي.