تشهد محال شارع التموينات أو ما يعرف بشارع العشرين في الرياض إقبالا متزايدا هذه الأيام مع اقتراب شهر رمضان, وذلك لما تميز به الشارع من سمعة طيبة عن بضائعه المخفضة وبكميات كبيرة, وهو ما تبحث عنه بعض الأسر في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدنية, وكثرة الاستهلاك خصوصا للمواد التموينية من معلبات غذائية تضطر الأسر لشراء كميات كبيرة منها في هذا الشهر.
"الوطن" تجولت في حيي منفوحة القديمة والجديدة, حيث انتشرت هذه النوعية من المحال, وخصوصا في الشارع الذي يمتد من حي عتيقة إلى حي البطحاء, واكتسب تسميته من كونه شارعا يجمع عددا كبيرا من محلات التموينات, التي تبيع بضائعها بنصف السعر، نظرا لقرب انتهاء تاريخ الصلاحية، حيث لا تزيد مدة صلاحية المنتجات فيها على ثلاثة أشهر. ورغم أن هذا الشارع لا يعرفه أغلب السعوديين إلا أن المقيمين من جنسيات مختلفة يستفيدون من هذه الفرصة بشكل أكبر كما يؤكد البائعون في المحال، وهم أيضا من المقيمين من الجنسية المصرية في الغالب، والذين يؤكدون أنهم اكتسبوا ثقة زبائنهم من مصداقيتهم في إخبار الزبون بتاريخ انتهاء الصلاحية، ولو بقي فيها يوم واحد.
واستغلت المحال اقتراب شهر رمضان لتصريف بضائعها مستغلة الإقبال الشديد.
تواريخ الصلاحية
وشهد الأسبوعان الماضيان، جولة من قبل البلدية على هذه المحال، وتم تغريمها بسبب مخالفات، منها انتهاء الصلاحية أو النظافة، وهو ما أكده البائع محمد السنباطي الذي تم تغريم المحل الذي يعمل به منذ خمس سنوات 18 ألف ريال. كما أكد أن صاحب المحل لن يتحمل شيئا من هذه الغرامة حيث سيتحملها العمال، لأنهم مسؤولون عن إخلاء المحل من المخالفات، ولكنه أوضح أن البضاعة المنتهية ربما تأتي من المصنع، ومع تكدس البضائع لا يتم الانتباه لها.
وطالب السنباطي البلديات بتخفيف الخناق عليهم مع تقيدهم بالأنظمة التي تضمن تقديم المنتج.
وأشار البائع محمد السيد ـ يعمل منذ عامين في نفس المجال ـ الى أن لهذه المحال زبائنها، وإن كانوا ينشطون قبيل شهر رمضان، إلا أنه من بدء رمضان تخف حركة البيع والشراء.
وحول الرقابة، قال السيد لـ"الوطن" إن البلدية تقوم بزيارات تفتيشية وتتأكد من تواريخ الصلاحية وما دامت سارية المفعول ولو ليوم واحد فلا توجد مشاكل.
ولاحظت "الوطن" خلال جولتها تنزيل كميات كبيرة من البضائع وكثرة البضائع المقلدة ومنخفضة الجودة إلى جانب البضاعة المعروفة.
وفي هذا الصدد، أكد رفعت مهدال ـ الذي يعمل في هذا المجال من 15 عاما – أن أغلب زبائنهم ممن يبحثون عن السلع التي سيتم استهلاكها خلال أسابيع قليلة، لذلك لا حاجة لشرائها بسعر مرتفع إذا كانت ستستهلك خلال فترة قصيرة، خصوصا مع الأوضاع الاقتصادية لأغلب الأسر، وهذا مناسب للمشترين في شهر رمضان حيث يستهلكون المنتجات خلال هذا الشهر.
متابعة البلدية
كما رصدت "الوطن" تخوف الباعة من الحديث عن نشاط المحال والبضائع، وكان البعض يتوقع أن نكون من البلدية خصوصا بعد التقاط صور للبضائع المكدسة داخل وخارج المحال، ولكن بعد إبراز البطاقة الصحفية كان الانتقاد موجها للإعلام لتشويهه سوق السلع المخفضة واتهامه بانخفاض الجودة، وربما التسبب في الإضرار بالمواطنين والمقيمين، حيث أكد البائع أبو أحمد أن هذه التهم باطلة، مشيرا إلى أن المحال تخضع لزيارات من البلدية للتأكد من صحة التواريخ ولم يحدث أن وجدت البلدية ما يخالف وإلا قامت بإقفال المحل وتغريمه.
إنقاذ الميزانية
ولوحظ أيضا تواجد عدد من الأسر التي تبحث عن "مقاضي" شهر رمضان، حيث أشار أبو ماجد إلى أنه يحضر لهذا الشارع طوال العام وليس في شهر رمضان فقط، وأن ما يشتريه من مقاضٍ يبقى لنهاية الشهر بنصف التكلفة وأنه تعرف على هذا الشارع من أحد أصدقائه بعد أن كان من زوار" الهايبرات" والمحال الكبيرة، لكنه لاحظ الفرق في السعر ومدى التوفير في ميزانية الأسرة. كما اكتشف بدائل لمنتجات أسعارها مرتفعة، مؤكدا أن بعض التجار يستغلون الشهر الفضيل لـ "شفط" جيوب المواطنين.
لا للأسواق الكبرى
أما أم يحيى ـ ربة بيت ـ فقالت لـ"الوطن" إنها لأول مرة تزور شارع التموينات، وإنها سمعت عنه بالصدفة من صديقة لها، وفعلا اكتشفت أنه لا حاجة للذهاب للأسواق الكبيرة التي استغلت هذا الشهر وملأت الصحف والتلفاز بالإعلانات الوهمية ما دامت ستجد طلباتها في هذا الشارع الذي تحتدم فيه المنافسة لإنقاص السعر. وقالت إنها وجدت ما تطلب من عصائر تباع بأضعاف السعر في المتاجر الكبرى وحتى الأجبان وخلطات المعجنات، وجدتها بكميات كبيرة وبسعر مناسب لميزانيتها وخرجت بكراتين من كل صنف.
قرار عائلي
ولكن يشغل بال الكثيرين مدى مصداقية تواريخ الانتهاء، حيث يشكك البعض فيها، كما حدث مع عبدالله الشهري الذي كان يتجول في السوق بدون أن يشتري شيئا. وقال إنه لا يرغب في المغامرة، لأن الصحة أهم من التوفير المادي. وأضاف أنه حضر للتأكد فقط مما سمعه من أصدقائه بخصوص الأسعار ووجدها منخفضة بالفعل، ولكن قرار الشراء سيتمهل فيه حتى يشاور زوجته، والتي لا تثق إلا في المحال الكبيرة في الأحياء الراقية.
من ناحيته، قال أشرف عيسى(مقيم) إن مستلزمات شهر رمضان تشكل عبئا على المواطن والمقيم، لذلك فمن الأنسب البحث عن بدائل تناسب ميزانية كل أسرة، خصوصا أن العيد والعودة للمدارس أيضا يتطلبان ميزانية خاصة، ولكن مع البحث عن السعر المنخفض يجب التأكد من كون البضائع غير فاسدة أو تم التلاعب بتواريخها. واعتبر أن شارع التموينات فك أزمة كثير من الأسر.