لن تجد وصفاً مناسباً لأقسام (العلاقات العامة) العاملة في أغلب مؤسسات الحكومة أفضل من: "أهم الأقسام و أسوؤها"!
أمس كنت أتحدث مع عدد من المختصين حول هذا الموضوع.. المفهوم العام للعلاقات العامة جميل للغاية.. ويحمل مضامين رائعة: ( الجهود التي يبذلها فريق ما، لإقامة علاقات الثقة واستمرارها بين أعضائه، وبين الفريق وبين الجماهير المختلفة التي تنتفع بصورة مباشرة أو غير مباشرة من خدمات المؤسسة الاقتصادية والاجتماعية).
وجدتنا جميعاً متفقين على الأهداف العامة.. وضرورة أن تتمحور حول إعلام الجمهور بسياسات المؤسسة من أجل مد جسور الثقة وأواصر البناء المشترك.. وتوثيق العلاقة مع الجهات الأخرى، إضافة بطبيعة الحال للأمور الفنية الأخرى المتعلقة بحاجات العاملين في المؤسسة، وحل المشكلات والمعوقات التي تعترضهم، وإيصال آراء واحتياجات الجمهور إلى هرم المؤسسة لدراستها وتلبيتها..
ما هي المشكلة إذن؟!
المشكلة أن المجتمع اليوم ـ وهذا رأيي الشخصي ـ فقد الثقة بأقسام العلاقات العامة.. فهي في تصوراته ليس لها سوى هدف واحد تتمحور وتدور حوله وهو تلميع صورة المؤسسة ومدير المؤسسة، وتكذيب القصور وإيجاد المبررات وخلق الأعذار!
والذي يدعم هذا الرأي من وجهة نظري هو أن طبيعة القسم ذاته داخل المؤسسة تدفع بهذا الاتجاه!
القسم تم تفريغه من أهدافه التي استدعت تأسيسه، فلم يعد له هدف ولا غاية سوى حجوزات الطيران واستقبال الضيوف وإيصالهم للفنادق وتوديعهم وتزويدهم بالحقائب التي تحتوي على الكتيبات والمطويات، و "هات الجرايد"، و "ليش تأخرت الجرايد".. وفي بعض الجهات يضاف لهذه المهمات، مهمات أخرى لا تقل أهمية وهي "حمل المشلح"، وحمل المباخر، وفتح أبواب السيارات!
هذا هو واقع أقسام العلاقات العامة اليوم في كثير من مؤسسات الحكومة.. ولذلك اتسعت الفجوة كثيرا بين المؤسسة والمجتمع.. ولن يردمها سوى ربط مفهوم العلاقات العامة بالواقع.