أكد القائم بالأعمال في السفارة البريطانية بالعاصمة السعودية الرياض، رودريك دراموند، في حوار مع "الوطن"، أن الحكومة البريطانية تعمل بجد على تغيير "الانطباع السائد" حول تكدس المبتعثين السعوديين في المملكة المتحدة، كاشفا عن تشكيل لجان لحل المشكلة بين الجانبين. وعلل المسؤول البريطاني التغيرات في إجراءات الحصول على التأشيرة، بسبب وجود حوادث تزوير عانت منها السفارات البريطانية بالخارج، لغرض الدخول لأراضيها بطرق غير مشروعة، متوعدا "المزورين"، الحرمان من نيل التأشيرة مستقبلا. دراموند امتدح أداء المبتعثين السعوديين في بلاده، قائلا "يعد الطالب السعودي الأفضل في تخصص علم الإدارة، بشهادة مديري الجامعات البريطانية". وفيما يتعلق بملف "الحجاب" الذي يشهد جدلا في الأوساط الغربية، شدد السيد رودريك على أن "سياسية بريطانيا مختلفة عن الدول الأوروبية"، وهنا نص الحوار:
أعلن وزير التعليم العالي السعودي د.خالد العنقري، العام الماضي، تعليق الابتعاث إلى بريطانيا، وعزا القرار لـ"التكدس الكبير للطلبة" هناك. كيف ستعمل الحكومة البريطانية على حل هذه الإشكالية؟
نحن طرحنا ملف إيقاف الابتعاث إلى المملكة المتحدة مع الجانب السعودي، ممثلا بوزارة التعليم العالي، وعلى حسب علمي، فإن هناك تعليقا مؤقتا لإرسال الطلبة ضمن برنامج الملك عبدالله للابتعاث الخارجي، والسبب أن هنالك تركيزا معينا من الطلبة في بعض الجامعات البريطانية، ولكن هذا التعليق المؤقت لا يؤثر على جميع السعوديين هناك بشكل عام، ولكنه على الملتحقين ببرنامج الملك عبدالله للمنح الدراسية، وهناك العديد منهم يدرسون على حسابهم الخاص، وأيضا من ترسلهم الجهات الحكومية، كالمؤسسة العامة للتدريب المهني والفني، وهم لا يدخلون ضمن التعليق المؤقت. والمشكلة تتمثل بتمركز الطلاب في بعض الجامعات والمعاهد البريطانية، ونحن نطالب الوزارة توزيع الطلاب على الأماكن الفارغة، ومن ثم استئناف ابتعاثهم في المستقبل القريب، خاصة وأن هناك جامعات بريطانية لا يوجد بها أي طلبة سعوديين.
"تكدس" الطلاب
جوابكم السابق يفهم منه وكأن هناك تناقضا بينكم وبين رأي الوزارة، حول مفهوم "التكدس"؟
التركيز كما قلت في بعض المناطق، ونحن ندرس هذه العملية والمشكلة مع التعليم العالي، وهناك لجنة من السفارة في بريطانيا والرياض، والوزارة، والمجلس الثقافي البريطاني.
المباحثات مع الوزارة
ذكرتم أنكم تناقشتم مع الجانب السعودي. ماذا دار بينكم من مباحثات، خاصة وأن الوزارة ذكرت أنها ستعيد الابتعاث للجامعات الكبرى فقط؟
كما قلت إن المباحثات مستمرة، ولا يوجد وقت محدد لهذه المناقشات، وعلمت أنه ستكون هناك زيارات متبادلة بين الطرفين لحل هذه النقطة. وأما التعليق من الجانب السعودي، سيؤثر فقط على نسبة بسيطة من طلاب البرنامج، ولا يؤثر على الدارسين على حسابهم الخاص، بمنح دراسية من قبل الشركات، أو الجهات الحكومية، ولا يؤثر كذلك على الطلاب الدارسين حاليا ببريطانيا. ومن جهتي، أنا متاكد أننا سنتوصل إلى حل قريبا.
أنا أقصد ماذا قدم الجانب البريطاني، للتأكيد على أن قرار التعليق لم يكن صائبا، من وجهة نظركم؟.
نحن نحاول حتى الآن لنتوصل إلى حل مشكلة تكدس الطلبة في بريطانيا.
لكن، كيف ستعالجون المشكلة برأيكم؟
هذه المشكلة ستحل بواسطة الحوار والمناقشات بين الطرفين، ونحن لدينا شعور بأن لدى الطرف السعودي اهتماما بحل المشكلة. ونتيجة للتوسع في برامج الابتعاث هنا، فإن الطلبة السعوديين لديهم خيارات كبيرة جدا في اختيار الجامعات في العالم، وبريطانيا لديها أفضل الجامعات في العالم، ولهذا السبب نحن مطمئنون جدا من عودة بريطانيا لواجهة الابتعاث السعودي مجددا. وللمعلومية فإن 5 جامعات بريطانية، هي من أفضل 10 جامعات في العالم.
وكالات المكاتب
هناك مكاتب تدعي حصولها على وكالة عن الجامعات البريطانية في المملكة، ما مدى دقة ادعاءاتهم هذه؟
لا توجد مكاتب رسمية بالمعنى الحرفي، وكانت 60 جامعة بريطانية حضرت في المعرض الدولي للتعليم العالي في العام الماضي، وقدمت التخصصات التي يمكن أن يدرسها الطلاب السعوديون هناك، ولكنه لا يوجد أي مكتب أو وكالات للجامعات البريطانية في الرياض.
تأشيرات الطلبة
أحدثــت الحكومــة البريطانيــة تغيـــرات لحصول الطلبة على التأشيرة الدراسية، وهو ما اعتبر عاملا قلل من جاذبية الدراسة في المملكة المتحدة؟
التغيرات التي حدثت في 2009، هي على مستوى العالم، وليست موجهة للسعوديين فقط. ونحن نناقش من العام الماضي أن يكون هناك اتجاهان للحصول على التأشيرة، الاتجاه الأول: منح الطالب تأشيرة أقل من 6 أشهر، والأمر الآخر: منح تأشيرة أطول مدة للدارسين في الجامعات. وبعد هذه التعديلات، زاد عدد الطلاب السعوديين في بريطانيا، حيث منحنا 20 ألف متقدم تأشيرة للطلاب، ووجدنا بعد دراسة فائقة، أن هنالك مشاكل طفيفة، وهذه المشاكل تتعلق بمشكلتين، الأولى: المستندات المناسبة، والأوراق من الجهة التعليمية. والمشكلة الأخرى: التمويل، إذ نحرص على أن تكون لدى الطالب المصادر المالية الكافية، حتى يكمل الدراسة في بريطانيا. وبسبب نظام التأشيرات الجديد، لدينا فريق خبراء في التأشيرات، ونصدر التأشيرة للطالب خلال فترة بين 5 و10 أيام، ونشجع التقديم قبل وقت كافٍ، وتحاشي أوقات الذروة.
التأخر في التأشيرات
ولكن في السابق كان المتقدم سواء طالبا أم سائحا، يأخذ التأشيرة في يوم واحد فقط؟.
مازلنا نصدر التأشيرة في يوم واحد فقط، في الأيام العادية. أما في أوقات الذروة، ربما يزيد إلى أكثر من يوم أو يومين، وفي الخبر أو في جدة يختلف الوضع عن الرياض، إذ يزيد عادة عن الرياض بنحو 24 إلى 48 ساعة.
لوحظ مؤخرا أن مركز التأشيرات تعطل في عملية إصدار التأشيرة، ما السبب؟
أنا شخصيا أؤكد لك أنني أقوم بزيارات خاطفة ومفاجئة لمركز التأشيرات، حتى أقف على مدى تطور الأداء هناك، وأتحدث بشكل مستمر مع المسؤولين هناك، ونراقب ما يحدث. وأؤكد لك أن الأداء جيد ومرضٍ، وهناك بعض النقاط تحتاج الى تطوير وتحسين في الأداء، ونتعامل مع هذه النقاط بشكل سريع. وللمعلومية، ازداد منح التأشيرات هذا العام 20% عن العام الماضي. ولدي تحفظ، أنه في حال ثبات نسبة الزيادة في عدد التأشيرات، ربما سننظر في توسيع مركز إصدار التأشيرات، أو ننتقل إلى مكان أكبر.
وأنتهز هذه الفرصة، لأقدم اعتذاري للمتقدمين، لمن تأثروا بالمشكلة التقنية قبل عدة أسابيع، وهي مشكلة تقنية بحتة، وأثرت على الأداء بشكل كبير، وعملنا لمدة 3 أسابيع متواصلة لإنجاز أكوام الجوازات لدى المراكز.
التلاعب بالمستندات
فيما يتعلق بالتلاعب بالمستندات المقدمة للسفارة، من قبل الراغبين في التأشيرة. كيف تتعاملون مع تلك الحالات؟
من الممكن أن تكون حالات لم أعلم بها شخصيا، وعلى حد علمي، الطلاب السعوديون في بريطانيا يتعاملون بشكل أخلاقي جدا، وفي الدراسة ممتازون أكاديميا، وأنا أتواصل مع مديري الجامعات البريطانية، وجميعهم أعطوني انطباعا ممتازا عن أداء المبتعثين هناك، وخصوصا في ما يتعلق بإدارة الأعمال، وهم من أفضل الطلبة الأجانب هناك.
أنا أتحدث داخليا، هنا؟.
ليس لدي أي معلومات عن هذا الموضوع، ولكن إذا تم اكتشاف أي تزوير في أي مستند مقدم للسفارة، سيتم رفض الطلب مباشرة، ومن ثم ربما يحرم المزور من الحصول على التأشيرة البريطانية بشكل عام. وأنصح الطلبة أن يكونوا حريصين على تقديم المستندات الأصلية السليمة.
مغريات أسترالية
صرح إلى "الوطن" في وقت سابق، مدير إحدى الجامعات الأسترالية أن للسعوديين تعاملا خاصا، فيما يخص الحصول على تأشيرة بلاده. وهو الأمر الذي لا تنظر له بعين الاعتبار بريطانيا؟
كما قلت لك، نحن نعمل على تطوير هذا الجانب. وفي الحقيقة، ما يقوله الأستراليون متعلق بجامعات أستراليا، وعلى فكرة، لغتهم الإنجليزية ليست سيئة!.
نحن في القرن 21، والجامعات البريطانية لها ثقلها، ولا أتوقع أن تكون الجامعات الأسترالية حتى ضمن أفضل 50 جامعة في العالم، لذلك الجامعات البريطانية ستكون ضمن أول اختيارات الطلبة السعوديين.
إذن، من ينافسكم أكاديميا؟
الجامعات الأمريكية بشكل أساسي فقط.
والجامعات الأسترالية؟
بالتأكيد الجامعات الأسترالية مثلها مثل الجامعات في الدول التي تتحدث اللغة الإنجليزية، مثلها مثل الجامعات الكندية. ولكن بريطانيا فيها 120 جامعة، وبينها اختلافات ربما كبيرة. ولكن هناك الجامعات المتخصصة في الدراسات العليا والأكاديمية، التي تؤهل أكاديميين بشكل ممتاز. ولكن في المقابل، هناك في جامعات على مستوى راق جدا، ولكنها تهتم بتأهيل المتخرجين لسوق العمل، والطالب عليه أن يختار الاتجاه الأكاديمي أو العملي.
معاهد ضعيفة
هناك معاهد لتعليم اللغة الإنجليزية في بريطانيا، تتصف بضعف مستواها الأكاديمي. ألم يكن أجدى بالسفارة رفض الطلبات الواردة من قبل تلك المعاهد؟
هذا كلام صحيح. فبعض المعاهد تدار بشكل تجاري، وهذا أمر طبيعي، ومعظمها يشرف عليها المجلس الثقافي البريطاني، وجهات أخرى. وهناك بعض الأساسيات لا يمكن تجاوزها بتاتا. وفي السعودية ليست هناك أماكن كافية لتدريس اللغة الإنجليزية بشكل جيد، والمجلس الثقافي البريطاني يدرس 4 آلاف طالب في السعودية في السنة الواحدة، والعدد يزيد سنويا، ولذلك نحن نفكر في التوسع، وإنشاء فروع لممثلي المدارس أو المعاهد البريطانية في السعودية.
فروع للجامعات محليا
هل تقدمت الجامعات البريطانية، بطلب افتتاح فروع لها في المملكة؟.
ليس بعد، ولكن الجامعات البريطانية افتتحت فروعا لها في بعض الدول بالمنطقة، والآن نعمل على تشجيع الجامعات البريطانية، وأنصحهم بزيارة السعودية لتنفيذ الفكرة.
عمل الطلاب
هل يحق للطالب السعودي العمل في بريطانيا، كما هو معمول به في أمريكا؟
نعم يحق للطالب السعودي العمل في بريطانيا بشكل جزئي. إذ إن الطلاب لهم الحق بالعمل من 10 إلى 20 ساعة في الأسبوع، بحسب مدة الدراسة.
حجاب الطالبات
ماذا عن الحجاب، خصوصا أن هنالك عددا كبيرا من السعوديات المحجبات اللواتي يزرن بريطانيا، أو يدرسن فيها؟
إن الحوار في بريطانيا مختلف بشكل كبير عن الحوار في الدول الأوروبية، مثل فرنسا. وموضوع الزي والملابس، سبق مناقشته في الستينيات والسبعينيات الميلادية، وفي النهاية الفرد له الحق في ارتداء ما يحلو له، وبحسب العادات والتقاليد، وخصوصا في الجامعات، وذلك بسبب درجة التسامح، ونضوج المجتمع البريطاني.