الوطن/ ألو... الأستاذ أدونيس.
أدونيس/ نعم .
لماذا اسمك أدونيس؟
أدونيس هو جزء من تراث المنطقة، إذن هو جزء من التراث العربي.
كنت سوريا وتحولت إلى لبناني؟
أنا ولدت في سوريا وأحمل الجنسية اللبنانية، ومن حق كل مبدع عربي أن يحمل جميع الجنسيات العربية.
هل صحيح أنك تنسحب الآن من عباءة أدونيس؟
كيف أنسحب؟
يقولون إنك تتغير أو إنك تغيرت فعلا؟
كل إنسان خلاق يحاول دائما أن يتخطى نفسه.
وأنت تحاول أن تتخطى نفسك؟
باستمرار، لأن الإنسان إذا لم يحاول أن يتجاوز نفسه يظل مقيما حيث هو.
هناك من يقرأ تحول أدونيس قراءة أخرى؟
من هم؟
الآخرون من النقاد والقراء.
لا تدخل الآخرين في حوارنا.
كيف لا أدخل الآخرين والجميع يقرأ أنك تحولت أو تغيرت؟
هم يقرؤون تحول أدونيس؟
نعم، والبعض يقول إن أدونيس تغير لأنه كفر بالواقع.
لماذا أكفر بالواقع؟
نتيجة يأس ما.
على العكس، إذا أبدعت فأنت آمل وتعمل للمستقبل.
هل أدوات الثقافة العربية لم تعينك مثلا؟
هذا شأن آخر، لأن الثقافة الرسمية غطتها وحجبتها.
روجت كثيرا للقومية العربية؟
أنا من مؤيدي القومية والعاملين على أن يشكل العرب جبهة حقيقية واحدة، لأن مصير العرب واحد.
ما إن اصطدمت طائرة محمد عطا؟
من محمد عطا؟
لحظة، محمد عطا الذي اصطدم بالبرج بأمريكا.
أين السؤال؟
أنت لم تدعني أكمل، أقصد أن هذا الحدث خلخل الكثير من قناعات بعض المثقفين العرب.
أنت تقصد أحداث 11سبتمبر؟
بالضبط.
في قصيدة قبر من أجل نيويورك؟
هذه لك؟
نعم، وكتبتها عام 1971 وفيها إشارة إلى أن أبراج الاستعمار سوف تتهدم. وبعض النقاد الأمريكيين كتبوا عن هذه القصيدة بعد 11 سبتمبر، وقالو إن أدونيس قال بهذا الهدم قبل أن يتم الهدم.
وهل صنفوك إرهابيا؟
لا يصنفونني إرهابيا، أنا مع العمل العاقل الحكيم، لكن الذي لا يخضع لمقتضيات السياسة.
محاضرتك عن بيروت كأن أدونيس لم يكن أدونيس ؟
لأنهم قرؤوا المحاضرة سطحيا ورأوا فيها نوعا من النقد الشديد لبيروت.
لماذا تنتقد بيروت وأنت الذي تربيت في أحضانها؟
حبي لبيروت هو الذي دفعني لنقدها بشدة لتكون مدينة على مستوى الكون.
من هو عدو بيروت؟
الذين يشدونها للوراء.
من هم الذين يشدون بيروت للوراء؟
الطائفيون الذين يسخرون الدين لأغراضهم.
أين كانت طفولة أدونيس؟
نمت طفولتي في قرية فقيرة اسمها قصابين بسوريا، وهي قرب المكان الذي اخترع الأبجدية وعلمها للعالم كله.
كيف كانت طفولتك في قرية قصابين؟
أنا من الأطفال الذين لم يعرفوا الطفولة كما يعرفها الأطفال اليوم.
لماذا؟
لأنني ولدت في الحقل.. في البرية، ومنذ طفولتي عملت في الحقول.. شتلت التبغ وجنيت الزيتون وحصدت القمح.
كيف كان شكل البيت الذي عشت به؟
كان عبارة عن غرفة واحدة وسرير واحد على الأرض، لكن رغم ذلك تعلمت القراءة وحفظت القرآن وأنا دون العاشرة.
تعلمت القراءة قبل دخولك المدرسة؟
أنا لم أدخل المدرسة إلا متأخرا.
في أي سن دخلت المدرسة؟
وأنا في سن الثالثة عشرة دخلت مدرسة البعثة العلمانية في طرطوس.
هل تذكر المدرسين في تلك المدرسة؟
للأسف، وأغلقت تلك المدرسة بعد سنة من دخولي لها.
لماذا أغلقت؟
لأنها كانت مع الجلاء، وبعد الاستقلال أنشئت مدارس وطنية فانتقلت إليها.
كيف التقيت بالرئيس شكري القوتلي؟
قلت فيه قصيدة عندما زار المنطقة وأعجب بها وطلب أن يراني.
وقابلت الرئيس شكري القوتلي؟
نعم، وقال لي: ماذا نستطيع أن نقدم لك يا ابني؟، قلت له: أريد أن أدخل المدرسة. قال لي: وهو كذلك.
ودخلت المدرسة؟
نعم دخلت المدرسة.
هل تواصلت علاقتك بالرئيس شكري القوتلي؟
لم أره بعد ذلك.
هل حزنت للانفصال بين سوريا ومصر؟
الوحدة كانت خطأ، وقلت إن الطريقة التي تمت بها الوحدة لم يكن ممكنا إلا أن تؤدي إلى هذا الانفصال الفاجع، لأن الوحدة أفشلها حكم العسكر.
أنت ضد حكم العسكر؟
لا شيء يحكمه البوليس إلا ويفشل.
حتى الناصرية مع أنك امتدحتها؟
كنت أنتقد في الناصرية الجانب البوليسي.
أول مظاهرة في حياتك؟
في طرطوس كنا نتظاهر ضد الجلاء الأجنبي.
ما هو الحدث الذي غير حياتك؟
لقائي بالرئيس شكري القوتلي غير حياتي من إلى.
كيف من إلى؟
ربما لولا لقائي بالرئيس لبقيت إنسانا غير متعلم ولبقيت فلاحا بالضيعة.
كيف انتقلت من سوريا إلى لبنان؟
هربا من البوليسية في سوريا.
هل هناك واقعة معينة دفعتك للهروب؟
كانت مرحلة طغيان شديدة لم تكن تطاق أبدا.
في أي عهد؟
في زمن الخمسينات هربت من ذلك الطغيان.
وكيف استقبلتك بيروت؟
استقبلتني استقبالا عظيما وأخذت الجنسية اللبنانية وصنعنا فيها حركة ثقافية كبرى مع يوسف الخال وأصدقاء آخرين.
كانت بيروت آنذاك تشبه أحضان أنثى فاتنة؟
نعم، لكن تبقى الأنثى الفاتنة بالنسبة لي هي حبيبتي وزوجتي ورفيقة دربي خالدة سعيد.
من قابلت من الزعامات العربية آنذاك؟
يؤسفني أن أقول إنني لم أقابل بحياتي أية زعامة عربية.
هل ترى أنك أكبر من تلك الزعامات العربية؟
لا، أبدا.. أبدا.
لماذا لم تمنح جائزة نوبل؟
لا يهمني هذا الموضوع إطلاقا.
ما هي قراءتك لحالة الإبداع العربي الراهن؟
هناك مواهب كبيرة جدا، لكن الحكومات العربية لا تقدر المواهب تقديرا حقيقيا.
هذا تجن على الحكومات العربية؟
ماذا تقدم ميزانيات العرب للثقافة قياسا بما تنفق وما تملك؟ لا شيء للأسف.
ما هي محنة العرب؟
المحنة العميقة هي أن العربي مأخوذ بالسلطة إلى درجة يستبيح كل شيء من أجلها.
هل أنت يائس من الديموقراطية بالعالم العربي؟
الديموقراطية هي أن أعمل معك مع أنك مختلف عني، بينما في العالم العربي المختلف ينبذ.
كمقيم في باريس، هل أنت مع أم ضد نزع النقاب؟
مع نزع النقاب، لأنه ليس هناك نص ديني صريح يؤيد النقاب.
ماذا قلت عن الدكتور عبدالله الغذامي؟
قلت إنه إمام مسجد.
وهل مازلت عند هذا القول؟
نعم، قلت إن الغذامي إمام مسجد، لأنه يقرأ الآخرين مع الأسف بذهنية مسبقة، فهو يقرأ أدونيس ولا يقرأ نصوص أدونيس.
لمن تقرأ من المثقفين السعوديين؟
أقرأ لفوزية أبوخالد ورجاء عالم وتركي الحمد وعبده خال ويوسف المحيميد والشاعر الكبير محمد العلي وداود الشريان.
لماذا لم تزر السعودية؟
لم أدع مع أنني طلبت الزيارة ولم يؤذن لي.
حوارنا انتهى.. شكرا أدونيس.
عفوا.