شركة موحدة للاستقدام تقوم بتأجير العمالة للمحتاجين إليها، فكرة جديدة وجميلة، كانت وزارة العمل قد وعدت بها من السابق، لكن التنفيذ تأخر، الآن الشركة تنتظر الترخيص ونرجو أن لايتأخر، يوم الثلاثاء الماضي قرأت في – عكاظ – خبراً عن تكوين الشركة الجديدة عن طريق لجنة الاستقدام في الغرفة التجارية الجديدة، الخبر تضمن رأس مال الشركة وجدواها الاقتصادية وعدد مكاتب الاستقدام التي انضمت إليها وبلغ عددها خمسون مكتباً حتى الآن، وأهم من هذا كله أنها ستبدأ العمل خلال بضعة أشهر إذا حصلت على الترخيص خلال الأسبوعين القادمين.

وقبل أن أشير إلى الفوائد المتوخاة من هذه الشركة على مستويات عدة، دعوني أشير إلى ما يحدث الآن على مستوى العمالة المنزلية، مع تقسيم الأمر إلى صورتين الأولى نظامية والكل يعرفها، تكاليف وانتظار، إضافة إلى ما ينتج عن ذلك أحياناً من عدم صلاحية السائق أو الخادمة، مع احتمالات الهروب لمن يصلح منهم، أما الصورة الأخرى غير النظامية فهي تتمثل في تشغيل الهاربين من كفلائهم وهذه متفشية والراتب لا يقل عن ألف وخمسمائة للخادمة وألفين للسائق، مع ما يصاحب ذلك من مخاطر أمنية واجتماعية .الشركة الجديدة ستعزز إيجابيات الصورة النظامية مع ضمانات أفضل وتكاليف أقل؛ إذ ستضمن الشركة صلاحية العمالة، أما التكاليف فلن يتحمل المستهلك سوى الراتب الشهري الذي حددته الشركة بألف ومائتي ريال للخادمة وألف وثلاثمائة وخمسين ريالاً للسائق، وهي تكاليف أقل من تكاليف الاستقدام الفردي النظامي القائم حالياً، أما الصورة الثانية غير النظامية فإن وجود الشركة سيقضي عليها قضاءً مبرماً.

المطلوب الآن أن تضع الشركة وتحت إشراف وزارة العمل الشروط والمواصفات والآليات التي ستتبعها في الاستقدام وفي تأجير العمالة للمحتاجين، وأن تتضمن الآلية تفاصيل واضحة لطريقة تأجير هذه العمالة بالأسبوع والشهر والعام، وطريقة دفع رواتبها وطرق تغييرها في حال عدم صلاحيتها، وكذلك ضمانات حقوق تلك العمالة من حيث المستحقات المالية والمعاملة الحسنة وغير ذلك من الأمور التي كانت ومازالت مثار مشكلات ومساءلات في هذا الميدان، وكل هذه الشروط والآليات لابد من إعلانها للجميع مع ضمانات تطبيقها وعقوبات الإخلال بها سواء من قبل الشركة أو المستهلكين.

ولا يفوتني هنا أن أنبه إلى ضرورة تحديد عدد مكاتب الاستقدام الكافية لتكوين الشركة الجديدة حتى لا تتكتل كل المكاتب في شركة واحدة، فمن الضروري أن تكون هناك عدة شركات للاستقدام بأنظمة موحدة وفرص متكافئة، مع إعطاء المجال للتنافس فيما يخدم الطرفين العمالة والمحتاجين لها، وأتصور أن حصر مهام هذه الشركة أو الشركات في العمالة المنزلية في البداية سيكون مفيداً للتجربة لمدة زمنية محدودة وفي ضوء ما يتحقق من نجاحات يمكن تعميم التجربة على أنواع العمالة الأخرى.

ومع إعجابي بالفكرة وتشجيعي لها، لا أخفيكم أنني أشعر بمرارة من تأخرها حتى الآن، وأخشى أن تتأخر أكثر، ومثل ذلك يمكن أن أقوله حيال أمور أخرى، حلول مشكلاتها كثيرة ومتاحة، لكننا لا نأخذ بها إلا بعد أن تدخلنا المشكلات أنفاقاً مظلمة لا سبيل للخروج منها إلا بأضعاف الثمن جهداً ومالاً بسبب الإهمال وربما عدم المبالاة، مع أننا لسنا بصدد اختراع العجلة من جديد، لكن توهم ذلك – وهذا الوهم مرض بيروقراطي عريق - يحيل كل بديهية إلى معجزة.