صورتان متناقضتان قد تظهران داخل إطار واحد .. شياطين في رداء الفضيلة .. وملائكة في رداء رث ممزق .. وما بين هاتين الصورتين تكمن المصائب ..؟ ثمة من يتظاهر بالعفة والطهر، وهو يمارس في الخفاء الرذيلة والمعيقات فيقسم بشرفه العظيم، وانتمائه الصادق ووطنيته الماسية .. وعرضه .. ويمينه ويساره ويقسم بكل شيء وهو كاذب دنيء لم يطلب منه أحد أن يحلف الأيمان (على الطالعة والنازلة) ناهيك عن الطلاق من (مرته)، فيقسم كل هذه الأيمان, على أنه سيقف في وجوه أولئك اللصوص الذين يغسلون جيوب الغلابا ..؟ وفجأة تجد هؤلاء المدافعين, ملطخين بالرذيلة .. لصوصا ينبشون حتى قبور الموتى .. يستمتعون بجراح الأبرياء.

صورة قاتمة: لن تستطيع أن تحدد معالمها أو ملامحها، عندما تكتشف أن من يدعون الطهر جناة يمارسون النهب والفساد بكل أشكاله وألوانه، والتدنيس في الوقت الذي تظهر به براءة بعض المتهمين .. فيهم من هم أغبياء قد يقعون في المحظور دون إرادتهم, وفيهم من لا يجيدون الدفاع عن أنفسهم حتى ولو كان بهم خصاصة.

فعلا كثيرون هم أولئك الذين يلوون ألسنتهم، ويقسمون بأياديهم البيضاء وهي سوداء, ليظهروا في النهاية أنهم (نعاج), ولا أقول ذئاب وربما وحوش أو أقرب للخنازير على اعتبار أن الخنازير معروفة ومحرمة كونها قليلة الحس (والشرف) كما يقولون.

ثمة صور مفزعة تشاهدها هذه الأيام أينما ذهبت تظهر دون الرؤية تمتزج فيها كل النقائض .. يبرأ فيها المجرمون ويدان فيها الأبرياء ... تسود فيها الألوان الرمادية وبحار ومحيطات لا يستطيع أن يرى فيها الناظر، ويعثر على ملامح واضحة. في النـهاية وفي هذا الزمن الرخيص جدا لن نعجب أبدا إن اكتشفنا أن هناك من يكشف عن سرقات كثيرة قد رتب تفاصيلها بنفسه ؟ إنه زمن العجائب بكل أنواعها وخداعها.