نحن جيل عاصرنا عقوداً من الأحداث، والقلاقل، والحروب في منطقة الشرق الأوسط، ولنسمها محطات، سأستعرض أهمها، لغرض الوصول إلى فكرة هامة، وهي تبدأ كما يلي:-

1 – في مرحلة الدراسة الإبتدائية، طلب منا في المدارس، التبرع لإخواننا الجزائريين، الذين بدأوا ثورتهم للإستقلال عن فرنسا، في عام (1953م)، المشكلة كانت أننا لم نكن قادرين على التبرع، لأننا كطلبة لم يكن لدينا مصروف جيب!!

2 – بعدها جائت قضية البريمي (1955م): وبدأنا بحفظ الأناشيد الوطنية الحماسية، ثم من حسن الحظ، إنتهت القضية سلمياً.

3 – قضية العدوان الثلاثي (1956م): إنتهت بما صوّر على أنه نصر عربي!!

4 – النكسة (1967 ): كانت أكبر عملية إحباط لشعب ما في التاريخ.

5 – حرب أكتوبر (1973 ): مثلت نصراً عربياًَ، ولكن زيارة الرئيس المصري، أنور السادات، إلى القدس، ثم إتفاق كامب ديفد، مثلت إلغاء لكل ما حققته الحرب من إنجازات.

6 – الحرب العراقية الإيرانية (1980 – 1988م): مثلت في حينها فرصة لتصحيح إتفاق الجزائر لموضوع شط العرب، ولكن تبين لاحقاً أنها أسست لمشاكل كارثية قادمة.

7 – غزو الكويت (1990م): أسس لغزو العراق (2003م)، وأصبحت الكارثة كارثتان.

8 – وكانت هناك حروب أهلية في العراق، واليمن، والسودان، ولبنان.

9 - الثورات العربية (2011 ): (تونس، ومصر)، والأوضاع المتفجرة في ليبيا، واليمن، والبحرين، وسوريا، اليوم كلها تنذر بتغيرات أساسية، وبغض النظر عن نتائجها المحتملة، فالمحصلة النهائية لكل تلك الأحداث، هي أننا نواجه اليوم وضعاً مستجداً، على كل المستويات السياسية، والإجتماعية، والإقتصادية.

لذلك عندما أتحدث مع أبنائي، وهم في العشرينات من عمرهم، وأذكّرهم بأن جيلنا قد عانى الكثير على المستويات الإقتصادية، والمعيشية، والسياسية، والاجتماعية، وأن جيلنا مازال اليوم يعاني من تسارع الأمور، وأننا متخوفون على الوطن من العوامل الخارجية!! إلا أن أبنائي لا يشاركونني الرأي، ويرون أن جيلنا، بالرغم من إدعائه محاولة الإصلاح، إلا أنه يٌنظر إليه كجيل استرخى، ولم ينتبه إلى تغير الأحوال ، ويذكرون على سبيل المثال، قضية البطالة، وقضية تدبير سكن، وغيرها من القضايا المعيشية، التي لم يعاني جيلنا منها، مثلما يعاني منها جيلهم اليوم.

بإختصار، نحن جيل نتباكى على الماضي، ونحاول دائماً أن نذكّر جيل الشباب، بما عانينا من شظف الحياة، وهم يردون، وبحدة، بأننا جيل ما زال يعيش في الماضي، وبأننا لانفهم الحاضر، ولا نفهمهم، ويحذرون بأنه لن يفيدنا، وبعد فوات الأوان، أن أي منا يحاول أن يستدرك، ويقول: "أنا فهمتكم".