أتساءل عن المسؤليات الكبيرة الملقاة على عاتق وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله، الذي ورث تركة وزارة محملة بالقضايا الشائكة. معلمين يشكون من حرمانهم من درجاتهم المستحقة. ومعلمات يطالبن بمساواتهن بالمعلمين. ومبان مستأجرة، وبيئة مدرسية متخلفة، وكتب بطباعة سيئة، إلخ. والرجل القادم على صهوة الأغر وفي مخيلته حلم معرفي كبير يخطط لقيادة المجتمع ليتحول إلى مجتمع المعرفة في ظرف عشرسنوات. فقد كان قبل توليه الوزارة مهتما بالمعرفة وقائدا لمجموعة الأغر للفكر والدراسات الاستراتجية، التي خرجت إلينا بعد عدد من ورش العمل التي شارك فيها مفكرون ومثقفون وأهل خبرة سعوديون من الجنسين بخطة مستقبلية لتحويل بلادنا إلى مجتمع المعرفة بحلول عام 1444هـ؛ وكانت محل تقدير من اطلع عليها.

في الواقع إن التفجر المعرفي والثورة التكنلوجية أثرت في العالم أجمع أصبح معها تطورالاقتصاد والمجتمع مرهونا بمدى متابعة ذلك. فبعد أن كان الاقتصاد يقوم على الآلة، أصبح يقوم على المعلومة الصحيحة. ويذكر الدكتور علي حسن القرني فوائد مجتمع المعرفة بقوله: "الإسهام في تحسين الأداء، ورفع الإنتاجية، وتخفيض كلفة الإنتاج، وتحسين نوعيته من خلال استخدام الوسائل والأساليب التقنية المتقدمة التي يتضمنها اقتصاد المعرفة.الإسهام في زيادة الإنتاج والدخل القومي، وإنتاج المشروعات، والدخول أوالعوائد التي تحققها، والإسهام في توليد دخول للأفراد الذين ترتبط نشاطاتهم بالمعرفة سواء بشكل مباشرأو غير مباشر.الإسهام في توفير فرص عمل، خصوصًا في المجالات التي يتم فيها استخدام التقنيات المتقدمة التي يتضمنها اقتصاد المعرفة"،إلخ من سبل التطور والرقي. وقبل كل ذلك في مجتمع المعرفة مجتمع البشرالذين تتوفر لهم سبل التحقق من صحة المعلومة سيختفي محترفو الاتهامات والادعاءات الذين يجيدون لي عنق الكلمات في سبيل إثارة الناس حول قضية أو شخصية طموحة تعمل لتحقيق حلم الكثير من أبناء بلادنا المتطلعين لغد أفضل لأن الجهل سيختفي فشعار مجتمع المعرفة هو أن المعرفة للجميع بسبب توفر موارد المعلومات وطرق الاتصال وسهولة البحث كما أن التعليم وهو المستفيد الأكبر من كل هذا حيث يستلزم مجتمع المعرفة تدريب الطلاب على مهارات تفكيرعليا واكتساب مهارات التعامل مع التغيير ومهارات التفاوض والجدل وبالطبع ذلك يفرض تطويرالمناهج وطرق التدريس وأساليب التقويم Revise Learning and Assessment Methods حتى تصبح مخرجات هذا التعليم طلابا وطالباتٍ قادرين على الفكرالناقد لا يتركون اتهامات فارغة تشغلهم. وهاهم حاليا، تشغلهم فكرة خطأ وزارة التربية والتعليم في توحيد مناهج البنات والأولاد فالعقل الناقد في مجتمع المعرفة سيربط بين كون المسجد في عصره صلى الله عليه وسلم كان المنبر والمورد الأساسي للمعلومة في خطب كانت تحضرها النساء كما يحضرها الرجال أي أن الخطاب كان واحدا للمجتمع على اختلاف أجناسه وإذا لزم سيكون هناك ماهو مخصص لكل فئة فلم نعتبر توحيد المناهج خطة لتغريب المجتمع، وقد سبقنا إليها صلى الله عليه وسلم. كما أن مجتمع المعرفة لايغفل القيم والأخلاق لكنه يختلف بأنه يربي في داخل الإنسان رقابته الذاتية النابعة من داخله والتي تستطيع أن تفرق بين ماهو صواب ومقبول شرعا وماهو خطأ وغير مقبول دينيا دون الحاجة لرقابة خارجية أو أن يعيرعقله وقلبه لمن لا يملكون المعرفة الكافية لكنهم يملكون حناجر قادرة على "الزعيق" والصراخ.