لم يكن عباس الحازمي، طفل الثماني سنوات يعلم أن خروجه من منزله سيكون الأخير بالنسبة له أول من أمس وأن مغيب شمس تلك الليلة ستكتب قصته المؤلمة مع مستصغر الشرر، حيث كان القدر ينتظره ليكون ضحية فرحة مؤقتة رسمها له أقرانه الذين لم يأبهوا بخطورة ذلك العدو الذي لا يعرف له صديقا، حيث خرج مساء كعادته في كل ليلة برفقة شقيقه الأصغر لشراء وجبة عشاء له ولأفراد عائلته، وإذا بصديقه في الحي يستنجد به بعد أن أضرم النار بيده بينما كان يحاول إشعال بعض الألعاب النارية، ومن شدة خوفه وهو يرى النار تشتعل بيده لم يكن منه إلا أن قام برمي ما بيده من ألعاب نارية بطريقة عشوائية ليتخلص من لهيبها الذي كان يحرق يده، فإذا بها تلتصق وهي مشتعلة بصدر وجسد الطفل عباس، وسرعان ما انتشرت إلى باقي أطراف جسده النحيل، بينما هو يحاول الفرار هارباً وبحثاً عن النجاة، وما إن وصل الطفل عباس إلى منزله ليستنجد بوالديه حتى سقط مغشيا عليه، ليفاجأ والداه بمنظر فلذة كبدهم وهو يصارع تلك النيران التي تم إطفاؤها بعد أن أخذت نصيبها منه.

وقد هرع والده لنقله لأحد المستشفيات القريبة وإذا به يفاجأ بأن ابنه قد أصيب بحروق من الدرجة الثالثة ادخل على إثرها غرفة العناية الفائقة، ومن شدة الحروق التي لحقت به لم يلبث ذلك الطفل طويلا حتى فارق الحياة لشدة ما أصابه من حروق.

يقول حافظ بن محمد الحازمي خال الطفل قمت بإركاب عباس وشقيقه الأصغر في سيارتي لإيصالهما لمنزل والدهم وبعدها بدقائق جاءني خبر حادثة عباس التي أصفها بالكابوس وأنا ما زلت غير مصدق ما سمعت أذني.

ويروي الحازمي: بأن الموقف كان صعبا عليه، كما أن أبويه ما زالوا يعيشون تحت صدمة وقع الخبر عليهم، خصوصا أنهم شاهدوا ابنهم وهو يصارع الألم والنيران الحارقة التي كانت تنهش جسده.

وبدوره أكد الناطق الإعلامي بصحة جازان بالإنابة حسين معشي الحادثة مشيرا إلى أن الطفل عباس توفي متأثرا بحروق عميقة جدا من الدرجة الثالثة في اليدين والرجلين ومعظم أنحاء الجسم بسب شدة الحروق التي سببتها الألعاب النارية. مضيفا أنه وبعد أن تم نقل الطفل عباس إلى مستشفى الملك فهد، تم إدخاله على الفور إلى غرفة العناية الفائقة، وعلى الرغم من تقديم كل المساعدة الطبية الممكنة لحالته، إلا أنه فارق الحياة متأثراً بإصابته وبالحروق الشديدة التي تعرض لها.

من جانبه حذر النقيب يحيى القحطاني الناطق باسم مديرية الدفاع المدني في منطقة جازان جميع المواطنين والمقيمين، من عدم الانخراط خلف رغبات الأطفال والعادات والتقاليد الخاطئة والمتمثلة باقتناء الألعاب النارية، حيث يكثر الإقبال عليها هذه الأيام في مناسبات الأفراح، مضيفاً بأنها تشكل خطراً حقيقياً وتهدد سلامة أرواح مستخدميها، خاصةً الأطفال الذين من الممكن أن تلحق أضراراً جسيمة بهم، مثل: الحروق، والتشوهات في مواقع مختلفة من الجسم، لأنهم لا يدركون أضرارها والمخاطر التي قد تلحق بهم نتيجة استخدامهم لها، مشدداً على أهمية قيام الآباء بدور فعال في هذا الجانب، من خلال مراقبة ومتابعة أطفالهم وتوعيتهم، بعدم اقتناء الألعاب النارية حفاظاً على سلامتهم.

وأضاف القحطاني بأن الألعاب النارية التي يقوم بصناعتها الأطفال مستخدمين فيها بعض المواد الحارقة لا تقل خطورة عن الألعاب النارية نفسها بل قد تشكل خطورة أكبر.