شهدت القاعة الرئيسية لمكتبة الإسكندرية مساء أول من أمس إطلاق كتاب "المواجهة القانونية للإرهاب" لرئيس البرلمان المصري والفقيه القانوني الدكتور أحمد فتحي سرور وذلك بحضور حشد من خبراء الإرهاب والقانون الحقوقيين والإعلاميين ومدير المكتبة الدكتور إسماعيل سراج الدين ومحافظ الإسكندرية اللواء عادل لبيب. وكشف سرور أن سبب تأخر صدور قانون الإرهاب بمصر هو أن الحكومة إلى الآن لم تتسلم مشروع القانون بسبب دقة وحساسية هذا الأمر، حيث إن المواجهة لا بد أن تلتزم بالقانون الدولي الإنساني وبالأمن القومي.
وقد شهدت مراسم إطلاق الكتاب الموسوعي فى المعالجات القانونية لظاهرة الإرهاب عرض فيلم وثائقي عن المسيرة العلمية للدكتور سرور، تلاه بيان من الدكتور سرور حول أسباب تأليف هذا الكتاب وموضوعاته، ومدى إسهامه في وضع الأطر القانونية السليمة لمواجهة جرائم الإرهاب، مستندًا على قاعدة جوهرية وهي أن سلاح الإرهاب يواجه بسلاح العدالة.
وقال سرور إن النسخة الإنجليزية للكتاب الذي صدر باللغة العربية عام 2007، تأتي بهدف تعميم الأفكار الموجودة بالكتاب حول المواجهة القانونية للإرهاب، وحتى يقرأ العالم لمؤلف مصري صاحب وجهة نظر حول مواجهة الإرهاب. وأشار إلى أن الكتاب يحتوي على قسمين، الأول حول تعريف الإرهاب وسياسة مواجهته، والثاني عن الأحكام العالمية لمواجهة الإرهاب في القانون الجنائي، مؤكدًا أن موضوع الكتاب وطريقة تناوله ليست قانونية بحتة، بل له فكر سياسي، كما أنه يتطرق إلى القانون الداخلي والدولي أيضًا. وأوضح أن "المواجهة القانونية للإرهاب" هو ليس من المؤلفات التي تتناول شرح قانون معين، ولكنه يضع مبادئ ما يجب أن يكون عليه أي قانون في ضوء اتجاهات القانون الدولي.
ولفت سرور إلى أن القسم الأول من الكتاب يتناول النطاق القانوني لمواجهة الإرهاب، ويعرض القرارات وتفاصيل القانون الدولي للمعاهدات في مجال مواجهة الإرهاب، مشيرًا إلى وجود 12 اتفاقية دولية وخمسة بروتوكولات وتسع اتفاقيات إقليمية في هذا المجال، بالإضافة إلى القرار الإطاري للاتحاد الأوروبي لمواجهة الإرهاب، والذي اعتبره مثاليا من الناحية القانونية، وأنه القرار الذي يجب أن يتخذه المشرع المصري عند وضع القوانين والتشريعات.
وقال سرور إن الكتاب يتطرق إلى مشكلتين قانونيتين هامتين، الأولى هي التكييف القانوني لجماعات التحرير الوطني، والتي انتهى إلى مشروعيتها بشرط احترامها للقانون الإنساني، والثانية هي إمكانية استخدام الحرب لمواجهة الإرهاب، ومدى اعتبار الإرهاب حربًا أو اعتداء مسلحا يجوز مواجهته بالاعتداء التشريعي، وهي السياسة التي تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وانتقد سرور السياسة السابقة، لأنها لم تلتزم بمبادئ القانون الدولي الإنساني، لأن مواجهة الإرهاب تتم للتصدي للجماعات وليس الدول، كما أنها استخدمت وسائل لا تراعي قوانين الإنسانية.
ولفت سرور إلى أن سياسة مواجهة الإرهاب يجب أن تراعي الالتزامات الدولية والدستورية، مع أهمية إحداث التوازن بين احترام حقوق الإنسان وحماية الأمن القومي، والاعتماد على أساليب تراعي الضرورة والتناسب، فلا تجوز مواجهة الإرهاب بالإرهاب، ولا تصح معالجة الفكرة السقيمة إلا بالفكرة السليمة.
وتحدث رئيس البرلمان المصري عن الجزء الثاني من الكتاب، الخاص بالأحكام العامة للقانون الجنائي، مشيرًا إلى أنها الطريقة الوحيدة لمحاربة الإرهاب، وليس الحرب، أو ما يعرف بعسكرة القانون الجنائي. وأوضح أنه تعرض في الكتاب إلى منع الإرهاب وأهمية احترام الالتزامات الدولية، ودور الأمم المتحدة في تقديم المساعدات التقنية للدول للوفاء بتلك الالتزامات. وتطرق سرور إلى تجريم الإرهاب وتدابير الضبط الإداري لمنع الجريمة، والنتائج المادية والمعنوية للإرهاب نتيجة العنف والتعرض للخطر، بالإضافة إلى مسألة القصد الجنائي والأحكام القانونية الدولية في هذا الشأن.
يذكر أن الدكتور أحمد فتحي سرور هو رئيس البرلمان المصرى (مجلس الشعب) منذ عام 1991، وهو حاصل على ليسانس في القانون من جامعة القاهرة، ودرجة الماجستير في القانون المقارن من جامعة ميتشجان بالولايات المتحدة الأمريكية، ودكتوراه في القانون الجنائي من جامعة القاهرة. شغل سرور عدة مناصب منها وزير التعليم من 1986 – 1990، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمكتبة الإسكندرية من 1988 – 1990، ورئيس المجلس الأعلى للجامعات، ونائب مدير جامعة القاهرة، وعميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة. وحصل سرور على عدد كبير من الجوائز والأوسمة، ومنها دكتوراه فخرية في العلوم السياسية في جامعة جونسون وويلز عام 2001، وجائزة التميز العالي في العلوم الاجتماعية عام 1993، وميدالية العلوم والآداب من الدرجة الأولى في عامي 1964 و1983.