تتميز مدينة جدة بظهور مباهج الاحتفال بقدوم الشهر المبارك من خلال تزيين كافة المحلات الكبيرة سواء الغذائية منها أو الاستهلاكية بتعليق قطع كبيرة من القماش المبطن للخيام والتي اعتاد أهالي جدة ظهورها في مثل هذا الوقت بالتحديد إيذانا بدخول الشهر المبارك ،إضافة إلى تعليق العديد من الفوانيس القديمة والتي تعد من المظاهر المصاحبة للاستعداد للشهر الفضيل، و تظهر بوضوح أكثر قبل يومين من عيد الفطر المبارك .

فيما امتلأت جنبات الأسواق ومنذ وقت مبكر في العشر الأول من الشهر الحالي بكافة المستلزمات الغذائية ،والتي اعتاد الناس تقديمها وتناولها في شهر رمضان تحديدا في سباق محموم بين تجار المواد الغذائية لكسب زبائنهم .

كما تشهد مدينة جدة حاليا تعليق العديد من اللوحات على كافة مطاعمها تعلن من خلالها عن مناشطها وما تقدمه لمرتاديها من أكلات رمضانية شعبية ومحلية وعربية حددت عليها الأسعار مسبقا، فيما تنافست مطاعم عدة في طرق العرض والأسعار لكل من العزاب والعوائل من خلال منشورات يتم توزيعها من قبل القائمين عليها في الدوائر الحكومية والخاصة ،وفي أماكن التجمعات العامة وعلى نواصي الشوارع العامة .

ومثلها وجبات إفطار الصائم والتي اختصت بعض المطاعم بتقديمها ضمن عروضها حيث وصل سعر بعض الوجبات بها إلى نصف ريال للوجبة الواحدة ،مع إمكانية دلالة أي شخص لأماكن المحتاجين لمثل هذه الوجبات كعمل خيري اعتاده الناس في هذا الشهر الكريم.

من جهة أخرى تحفل مدينة جدة على وجه الخصوص وكافة مدن المنطقة الغربية هذه الأيام بالتجهيز والاستعداد لما يعرف بـــ " الشعبنة " وهي عادة قديمة يمارسها أهالي الحجاز بوجه خاص قبل حلول الشهر الكريم، بما يقارب خمسة أيام تجتمع فيها العوائل لقضاء وقت ممتع في السمر والاحتفال بمقدم الشهر من خلال إقامة ولائم مختلفة ،ما بين طبخ وشواء كتوديع لهذه الأكلات والتي لا تكاد تظهر في رمضان لما يختص به من أنواع كثيرة من الموائد لا تظهر إلا بمقدمه .

"الوطن" قامت بجولة على العديد من هذه الأسواق والمحال الغذائية واستطلعت آراء زوارها ومرتاديها، وكان من بينهم الشاب ماجد عسيري وماجد البقمي ومحمد الغامدي والذين أكدوا ملاحظتهم للعرض المبكر للمواد الغذائية الرمضانية في العديد من الأسواق هذا العام على خلاف الأعوام السابقة، والتي لا تظهر فيها هذه المواد إلا قبل عشرة أيام من دخول رمضان وأن ذلك مكنهم وأتاح لهم الفرصة ولعوائلهم من التسوق بشكل مريح وانتقاء كل صنف على حدة كلما سنحت لهم الفرصة بارتياد أي سوق لشراء هذه المواد متفرقة، وأن ذلك أفضل من شرائها دفعة واحدة كما أن ذلك خفف عليهم الزحام الشديد الذي اعتادوه في مثل هذا الشهر في ظل الإقبال الكثيف على شراء مواد رمضان الغذائية . كما أكدوا ارتياحهم من انخفاض الأسعار مقارنة بالأعوام الماضية متمنين أن يشمل ذلك المواد الاستهلاكية والملبوسات والحلوى وهي مستلزمات لا تظهر بحسب قولهم إلا قبل عيد الفطر بوقت وجيز. وفيما يخص ظاهرة "الشعبنة " أكد عدد من الشباب أن هذه الظاهرة قديمة ارتبطوا بها منذ القدم وتناقلوها عبر الآباء والأجداد ،وأنها ظاهرة تختص بالحجاز وأهله وكان منهم الشاب مازن فلمبان ومحسن الجعفري وعبد الرحمن الزبيدي وعبد السلام قطب وبندر سنبل الذين أوضحوا أنهم على استعداد لإقامة مثل هذه المناسبة التي اعتادوها كل عام إما بصحبة الأهل والأقرباء أو بصحبة أصدقائهم من خلال استئجار استراحة خاصة وعمل وليمة تلم كافة الشباب يتخللها السمر وبعض الألوان الشعبية الطربية ولعب البلوت والسباحة.

فيما أشار البعض منهم إلى أن هذه الظاهرة بدأت تفقد أصالتها عند العديد من شباب اليوم الذين يفضلون قضاءها على كورنيش جدة أو السفر للخارج أو إحياء الحفلات الغنائية ، وهو ما لم يعتده سابقوهم من الآباء والأجداد ،حيث تعد هذه الظاهرة بمثابة الاجتماع الكبير للعائلة والأصدقاء احتفاء باستقبال شهر رمضان.

كما أن البعض منهم لم يخف عدم معرفته بهذه الظاهرة وفضل عدم الخوض في أصلها ومن أين أتت لأهل الحجاز، خاصة أن ما يهمه هو إقامة وليمة واجتماع يضم أفراد العائلة والأصدقاء لا يصاحبه مجون أو لهو على حد تعبيرهم متفقين على إحياء مثل هذه الظاهرة لما فيها من تكاتف وترابط بعيدا عن أي اعتبارات تدار حولها، واصفين إياها بأنها ظاهرة مثلها مثل تزيين جنبات الأسواق والمراكز التجارية بأقمشة الخيم وتعليق الفوانيس،وهي ظاهرة قد تكون جلبت من دولة شقيقة مثل مصر فقد عرف عن أهلها تعليق المصابيح أو ما يعرف بالفوانيس في مثل هذه المناسبات السعيدة ، فلا ضير على حد تعبيرهم في الاحتفال بما يعرف لديهم ولدى آبائهم وأجدادهم بالشعبنة .